مؤشر المستقبل يصنعه الشباب 2-2

محمد العريقي


 - قلقنا على المستقبل ناجم عن معطيات الحاضر وكل ذلك يفرزه ويحدده المشهد الشبابي بالدرجة الأولى (شباب وشابات), إذ من السهل أن نلتقط صورة حية من مفردات هذا
محمد العريقي –

قلقنا على المستقبل ناجم عن معطيات الحاضر وكل ذلك يفرزه ويحدده المشهد الشبابي بالدرجة الأولى (شباب وشابات), إذ من السهل أن نلتقط صورة حية من مفردات هذا المشهد في هذه اللحظة الآنية حيث الجو النفسي المتوتر يسيطر على كثير من أوجه الحياة المختلفة وعلى وجه الخصوص مايتعلق بالأمن والأمان والاستقرار.
الكثير من مظاهر العنف والعنف المضاد صانعه وضحيته في نفس الوقت هم الشباب.
وهذا ليس ذنبهم بل هو ذنب من يغذي أفكارهم بمفاهيم بعيدة عن المعايشة القائمة على المحبة والإخاء والتنافس البناء والعمل الجماعي لبناء الوطن.
انظروا اليوم من يدفع ثمن مايدور من عنف وإقلاق أمني بالدرجة الأساسية¿ سنجد الشباب في مقدمة ذلك فهم يدفعون حياتهم في بؤر الصراعات المسلحة وهم ضحايا البطالة التي تنتعش وتتمدد في ظل مناخات التوتر والصراع وسيظلون فريسة الجهل والتخلف إذا استمروا أدوات في الصراعات والفتن.
لانتحدث هنا عن الشباب وكأنهم مسلوبو التفكير والإرادة والقدرة على الاختيار بالعكس هم اليوم القوة المحركة لكل ما يدور سلبا وإيجابا ولكن هناك قصور من جيل الآباء في واجباتهم فهم يمتلكون إمكانية التهيئة المناسبة لأن ينطلق الشباب نحو بناء مستقبله ابتداء بضمان تربية وتنشئة سليمة منذ الطفولة في البيت والمدرسة فهذه الإمكانيات لم توظف بطريقة سليمة.
وثانيا: يتحمل الشباب مسؤولية نفسه فمن المعيب جدا أن نوجه شابا عمره فوق العشرين عاما كيف يفكر ويختار ويقرر في حين لديه من الحواس ورجوح العقل مايجعله يميز بين النافع والضار والصح والغلط خاصة ولديه في هذا العصر من إمكانيات معرفية تجعله أكثر قدرة على تحديد طريقه ومسار مستقبله فقبله من شباب الأمة الإسلامية كان لهم صولات وجولات في صنع الحضارة العربية الإسلامية مع أن بعضهم لم يتجاوز في العمر 20 عاما فكما تشير المصادر التاريخية أن عبدالرحمن الناصر حكم في الأندلس وعمره 21سنة ومحمد الفاتح 22سنة فتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية التي استعصت على كبار القادة في حينها.
أما أسامة بن زيد فقد قاد جيش المسلمين وعمره 18 سنة مع وجود الصحابة كأبي بكر وعمر ومحمد بن القاسم فتح بلاد السند وكان من كبار القادة العسكرين في عصره وعمره 17 عاما وغيرهم كثيرون ممن كان لهم دور كبير في ازدهار المجتمع الإسلامي.
والمجتمع الإنساني مليء بنماذج الشباب الناجح الذي صنع المعجزات العلمية والتفوق الاقتصادي.
إذا فالشاب حيث مايضع نفسه ويفرض مكانته بين الآخرين فهناك صور حية تقدم لنماذج من الشباب بشقيه الإيجابي والسلبي.
فلاشك أن الكثير منا يسعده أولئك الشباب الذين يثابرون ويجتهدون في التحصيل العلمي والمعرفي وتشاهدهم في وسائل إعلامية يستعرضون اختراعاتهم وابتكاراتهم أو من خلال أعمال إبداعية في مجالات الشعر والفن والرسم.
وكم تزهو بالاعتزاز إذا سمعت شابا يمنيا متحدثا ومناقشا بطريقة متمكنة ومستوعبة للمعلومات ولبقا في الطرح وخاصة في محافل وفعاليات ثقافية وفكرية أو مهنية .
وكم تشعر بالسعادة عندما تشاهد بعض الشباب يتصدرون الصفوف الأولى بين جموع المصلين أو وهم يقرون القرآن الكريم في المساجد.
والشاب الذي يعمل ويكد وينفق على نفسه وأسرته من عرق جبينه ليعيش معززا مكرما يفرض عليك إلا أن تقدره وتحترمه.
وبكل تأكيد ستشعر بالارتياح إذا تعامل معك أو مع غيرك أي شاب بلغة مهذبة وراقية فهذه الأمور التي يعتقد البعض أنها صغيرة هي بالأساس أمور كبيرة للتقدم والنهضة.
وهناك مايثير الحزن والسخط عندما تجد بعض الشباب يقدمون أنفسهم هدية للطيش والحماقة فيضعون أنفسهم في أسفل سلم الدناءة والاحتقار بأفعالهم المؤذية وأقوالهم المقززة وتصرفاتهم المنفرة خاصة في ظل انفلات واضمحلال للقيم والأخلاق وليس هناك أي تدخل مجتمعي يكبح ويحد من مثل تلك السلوكيات المدمرة ومثل هؤلاء هم أيضا ضحية واقع انعدم فيه الشعور بأهمية الواجب الملقاة على الأسرة والمدرسة وكافة المؤسسات المعنية ببناء الإنسان.
ولذلك إذا كان الشباب فعلا يحرص على أن يكون مؤشرا إيجابيا في بناء المستقبل فعليه بذل الجهد دون الاستسلام لخيبة الأمل أو الانغماس بمتاهات وتعصبات وإحباطات الحاضر فالتركيز على بناء الذات هو مفتاح التقدم الفردي للإنسان والجمعي للأمة.

قد يعجبك ايضا