غزوة بدر الكبرى

محمد عبدالله حسين عبدالمطلب

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين أما بعد.
فمع مرور الأيام والسنين ستظل غزوة بدر الكبرى محط أنظار جميع العسكريين يلتمسون منها الدروس ويتعلمون كيف يكون التدبير وفنون القتال والمؤمنون والمتقون يتزودون من الدروس الإيمانية والمنح والعطايا الربانية للنبي محمد والمواطنين معه فتعالوا أيها الأحبة نقف وقفة مع هذه المعركة الفاصلة والغزوة الكريمة والآية الربانية للأمة الإسلامية بل لكل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله غزوة بدر الكبرى إنها الموقعة الفاصلة في عبادة الله على هذه الأرض هل ستبقى أم ستفنى ويشعر القائد العظيم محمد صلى الله عليه وسلم بذلك فيلجأ إلى الله مستنجزا وعده مستقبل القبلة اللهم آتني ما وعدتني اللهم انجزلي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلن تعبد في الأرض فينزل الوحي مطمئنا “سيهزم الجمع ويولون الدبر” غزوة بدر أعظم غزوة في التاريخ لأنها أول غزوة فكانت بدء الطريق ونقطة الانطلاق لانتشار الإسلام وبداية الفتوحات غزوة بدر أوقفت التطاول على رسل الله وعلى منهج الإسلام ولذلك يقول الله “وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم” تريدون المال والتجارة ولكن الله له اختيار “ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كرة المجرمون”.
غزوة بدر ليست كتابا يقرأ ولا محاضرة ولكن هي حياة وواقع وهي حجة على كل مسلم على ظهر الأرض أن النصر من عند الله “فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”.
بدأت أحداث هذه الغزوة بعد أن بلغ للمسلمين أنباء عن تحرك قافلة تجارية كبيرة من الشام تحمل أموالا عظيمة لقريش يقودها أبو سفيان بن حرب ويقوم على حراستها ثلاثون رجلا فندب رسول الله أصحابه للخروج وقال لهم هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها.
فكان خروج النبي في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة أراد أخذ هذا المال عوضا عما تركه المهاجرون في مكة من ديار وأموال ومتاع وكان عدد المسلمين في هذه الغزوة ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا وكان هذا العدد لا يمثل المسلمين جميعا لأن النبي ما خرج للحرب ولكن لاعتراض طريق القافلة فكان عدد المشركين في هذه الغزوة ألف مقاتل ومعهم أكثر من مائة فرس وإبل كثيرة لا تعد وكثير من العتاد والسلاح ومعهم القيان يضربون بالدفوف ويغنين في حين أنه لم يكن مع النبي إلا فرسان وكان معهم (70) بعيرا يتعاقبون ركوبها انظر إلى الفارق في العدد وكذلك العتاد بين الجانبين من المشركين والمسلمين والآن تعالوا نتعلم من دروس هذه الغزوة ونأخذ منها الدروس والعبر.
أولا: “وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم” حين خرج المسلمون من المدينة ما كان في خلدهم أنهم يقاتلون ولكن أراد الله لهم ذلك مع أن النفس البشرية تحب الراحة وتكره المشقة ولكن الله يختار للنبي والمؤمنين معه القتال ولكن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بالمكروه.
ثانيا: قوة الإيمان هي السلاح البتار فما هو الشيء الذي حمل المسلمون أن يقفوا هذا الموقف مع قلة عددهم وعتادهم إنه الإيمان والتسليم لأمر الله ورسوله وإنها الثقة التي لا تجادل في أن الموت في سبيل الله شرف لا يقل عن شرف النصر على الناس هذه هي المبادئ العظمى في قلب المؤمن وإذا كان الله قد أمر المؤمن بإعداد القوة لمواجهة الأعداء فإن أعظم قوة هي قوة الإيمان الصادق بالله فالدعاة الصادقون يحملون في قلوبهم مصانع إيمان تبث إنتاجها في قلوب من حولهم ويحدون به كل جبان رعديد فإذا هو في الميدان أسد جسور.
ثالثا: قوة الترابط بين المؤمنين وبعد قوة الإيمان تأتي قوة الترابط والمحبة بين المؤمنين والتآلف بين القلوب هذه هي منة الله ومن أعظم أسباب النصر “هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو انفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز “حكيم”. لم يكن المسلمون ينتصرون لقبيلة ولا للون ولا لجنسية بل كانوا ينصرون الإسلام وأهله كان المسلم يقاتل أخاه في النسب وأباه في النسب فلا رابطة تعلو على رابطة الإسلام وأخوة الدين في الله والعقيدة.
رابعا الثبات وذكر الله عند لقاء العدو يقول الله “يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون” وهذا المبدأ مبدأ الثبات عند لقاء العدو من أهم أسباب النصر وهو دعاء المؤمنين “ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين”.
خامسا الشورى بين القائد والجنود . لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم نجاة القافلة وإصرار زعماء مكة على القتال استشار النبي أصحابه في الأمر وأخذ من الجميع المشورة وطلب الرأي من الجميع من المهاجرين والأنصار ومن الشباب والشيوخ حتى كان الأمر الحاسم والجامع في ملاقاة العدو مكان الرأي كما قال الم

قد يعجبك ايضا