للحالمة وردة بنفسج.. ولا عزاء للعابثين ..

الغربي عمران


تعز مدينة الاعتدال المناخي..أو كما يسميها سكانها تحببا بالحالمة .. لموقع هذه المدينة تفردها بين التجمعات السكانية ليس في اليمن فحسب بل في شبه الجزيرة العربية.. فارتفاعها عن سطح البحر الذي يتراوح بين ألف وألف وخمس مئة متر .. وتضاريسها التي تمازجت بين الجبل والسهل يجعل منها مدينة ذا مناخ معتدل صحي و وطبيعة أمطارها وخضرتها وتاريخها يميزها سياحيا.. وميول سكانها لقبول الأخر يجعلها في مقدمة المدن توافدا للزوار.
تعز بجبل صبر ذلك الكائن المدهش دهشة قراه ووديانه ومنتجاته الزراعية ومناظره الخلابة.. صبر المزين بمشاقر الغيوم والذي تتوسد سفوحه مدينة تعز صعودا تنتشر قراه حتى قمته العروس التي تتكئ عليها سحب السماء. ومنها وادي المسراخ.. قرى تطرز هامته صعودا وكأنها لألئ على منحدراته وحتى قممه المتعددة.. بمزارعها ووديانها ومجاري سيولها في كل اتجاه.
الأضرحة الخاوية.
جاد الوقت علينا أثناء حضورنا أيام السعيد الثقافية 2014 أن ترافقت والأستاذ علي الصراري والأستاذة نادية الكوكباني في جولة بدأنها بمسجد المظفر ذلك التراث المدهش بجمال تكوينه وزخارفه ..بروعة تصميمه وفنون زخارفه ..الذي يجمع بين سوق في سفلي تحت بناء المسجد.. لكنه غير مستغل ..وفوقه المسجد بملاحقه من مدرسة ومقبرة وممرات وأروقة.. المظفر أحد المعالم الإسلامية فائقة الجمال باحتشاد تلك الروائع ابتداء بمدخله الفريد مرورا بزخارف جدرانه وأسقفه.. انتاهاء بمناراته الباسقة والفريدة. أملنا جولتنا في المظفر لنتوجه إلى مسجد الأشرفية صعودا يقودنا الشوق للمعرفة وتذوق الفن .. ولم يخب ظننا حين سرنا في أروقة الأشرفية الخاضع للترميم منذ ثمان سنوات.. لتبهرنا مكوناته.. تلك النقوش والزخارف التي تغطي أسقفه وجدران بيت الصلاة.. حيث إطلالته من علوه البهي على المدينة التي تبدو كصفحة لؤلؤ منثور.
والأكثر إدهاش تكوين هذا المسجد ..إذ أن الزائر لتلك الأضرحة المرمرية والمخصص لها زوايا وحجرات .. بجانب بيت الصلاة .. ليكشف لنا المهندس المشرف على الترميم الذي كان كريما معنا وهو يصطحبنا في جولة تعريفية في مرافق وملحقات المسجد.. أن يكشف لنا عن اكتشاف جديد يتلخص في أن تلك الأضرحة لا تحوتي على شيء من جثامين أصحابها.. ففي الوقت الذي توجد تلك الأضرحة إلى جوار بيت الصلاة.. تم اكتشاف سلما يفضي هابطا إلى سراديب سفلية تقع تحت بيت الصلاة وحجرات الأضرحة ليكشف لنا بأن قبور أصحاب تلك الأضرحة موقعها في باطن السراديب السفلية.. وأن الأضرحة قد تكون تمويه ليس إلا..حيث يفصل بينها وقبور أصحابها أكثر من خمسة أمتار فراغ.. كان ذلك الاكتشاف أمرا محيرا .. إذ أن العقل يبحث عن الحكمة من وراء ذلك.. قد يكون الخوف من نبش تلك الأضرحة . وقد يكون لأمر أخر لا يعرفه إلا من جعل الأضرحة في الدور العلوي والقبور في أسفل الأنفاق والسراديب..وكأنها مدافن سرية .
كانت بداية جولتنا بين المظفر والأشرفية بداية ثرية وغنية بالأسرار والجمال.. لكننا لا حظنا أن تلك الكنوز الثمينة رغم يد البناء والترميم في أحداها إلا أنها محاصرة بالبناء العشوائي بل أن بعض المنازل تلاصق جدران المسجدين.. وكان يفترض حمايتهما وجعل حرم يحيط بهما إن لم تكون هناك فساحات وحدائق حولهما.
ولي بعض الملاحظات:
لا يجد الزائر أي اهتمام بالنظافة حول المظفر والأشرفية.. حين تستقبل الزائر أكوام النفايات المتكدسة..والروائح النتنة جراء تكدسها بل أنها تحاصر المكان وكأنهم أرادوا للزائر النفور من زيارة تلك الصروح العظيمة بقيمتها التاريخية وجمال تكوينها وثراء ما تختزنه من فنون.
الاعتداء الصارخ بالبناء من جيران المسجدين.. ومزاحمة الاستحداث العشوائية حولهماحتى وصل الأمر إلى أن المباني السكنية أضحت ملتحمة بجدران المسجدين..
يفترض الاهتمام من قبل المحافظ والسلطة المحلية والمجتمع بالنظافة ورصف الأزقة والشوارع المحيطة بالمسجدين.
يفترض أن يضع المجلس المحلي وسلطة المحافظة مخطط يقضي بشراء كل تلك المنازل الملاصقة للمسجدين وشراء المحيطة بها .. وإزالتها وتحويل مواقعها إلى حدائق خضراء تكون حرم للمسجدين وفضاء جمالي يظهر تلك التحف الفنية الإنسانية.. لا أن تحشر وسط مباني عشوائية وأكوام النفايات.
عروس المشاقر
خرجنا من الأشرفية مشبعين بجمال وروعة تلك المآثر الإنسانية الرائعة.. وكانت وجهتنا الصعود إلى جبل صبر”جبل صبر ملوي ثلاث ليات ليه بنات وليتين غصون قات” هذا ما كانت توحي لنا تلك الخضرة البهية لمزارع على شكل مدرجات غطت منحدرات الجبل حتى قمته العروس.. هبطنا بعض الوقت في مقهى على خاصرة الجبل يطل من ارتفاع الجبل على مدى فسيح وأفق ضبابي لا نهائي.. تعز وما وراء تعز.. القاعدة .. جبل التعكر الذي يطل على مدينة الملكة أروى .. جبال شرعب وأخرى لا نعرف مسمياتها.. ارتشفنا البن وعرضت إحدى بنات

قد يعجبك ايضا