الزكاة .. أسرار ومعان يجهلها الكثيرون
استطلاع/ عبدالله بخاش

■ د.السلامي: الزكاة عبادة وتكليف ومنعها يؤدي إلى الصراع والجريمة وزوال البركة وحلول الخوف والتلف
■ د.ناجي: عندما يزكي المسلم فإنه يدخل السرور على أهل الحاجة ويشعرهم باهتمام المجتمع لأمرهم
■ الأهدل: إذا كانت الأمة تصل ما بينها وبين الله بالصلاة فهي تقوي صلاتها ببعض بالزكاة
ليست مجرد عبادة فحسب بل سلوك يعكس التزاما ونظام حياة يثمر استقرارا ووئاما لا تنتهي معانيها العظيمة عند حدود الفرض الشرعي بل يتعداه إلى تنظيم جوانب العلاقات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع.
إنها الزكاة .. الركن الثالث من أركان الإسلام وهي اسم جامع لما يخرجه الإنسان من حق الله تعالى إلى الفقراء وسميت زكاة لما يكون فيها من رجاء وتزكية النفس وتنميتها بالخيرات وقد فرضها الله تعالى بكتابه وسنة رسوله واجماع أمته.
وقد جعل الله تعالى إيتاء الزكاة غاية من غايات التمكين في الأرض وأحد واجبات الحاكم أو السلطان وجعلها سببا للبر والتقوى في الدنيا والأمان والبشرى في الآخرة وهي سبب لمرضاة الله عز وجل وحلول رحمته وغفرانه للذنوب .. ومضاعفة الأجور ودخول الجنة.
بين الصلاة والزكاة
والزكاة هي الركن الوحيد من أركان الإسلام الذي جاء مرتبطا بالصلاة بشكل وثيق وواضح حيث اقترنت إقامة الصلاة بايتاء الزكاة في اثنتين وثمانين آية في القرآن الكريم ويشير هذ1ا الترابط الفريد إلى أسرار ومدلولات عظيمة لعل من أهمها التأكيد على أداء الحقوق لأهلها بشكل متكامل.
يقول أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإيمان الدكتور نصر السلامي: كل أحكام الشريعة الإسلامية تدور على جانبين هما: حق الله تعالى: وحق العباد فالصلاة حق الله والزكاة حق العباد ولا يمكن أن يقبل حق الله من العبادة إلا إذا أديت حق العباد ومن أعظم الحقوق التي ينبغي أن تصل إلى الناس في وقتها الزكاة وهي عبادة وتكليف.
تظهير النفس والمجتمع
ويمكن النظر إلى هذا الترابط الوثيق والبحث في معانيه ومدلولاته من زاوية أخرى فالصلاة كما يقول الشيخ حسن الأهدل إمام وخطيب جامع الفرقان بالأمانة: هي تطهير للمسلم من الذنوب والمعاصي والزكاة بالمقابل هي تطهير للمجتمع من أمراض الحقد والحسد والشح والبخل ومن الأعمال المخلة بالاستقرار الاجتماعي والأمني كالسرقات والسطو والنهب وغيرها وذلك بإشاعة روح المحبة والتكافل في المجتمع.
ويقول: للزكاة أسرار ومهان عظيمة وكبيرة في الإسلام فهي صمام أمان المجتمع وضمان استقراره فهي تعمل كمواساة للضعفاء والمساكين والفقراء والعجزة والمحتاجين في المجتمع وهي طهرة لأموال الأغنياء وسبب لحلول البركة والنماء وقد قاتل الصديق أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه من منعوا الزكاة وقال: “والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة” فالركنان صنوانان لا يمكن الفصل بينهما بأي حال من الأحوال.
الرحمة والمحبة
ويشير الأهدل إلى وجه آخر من أوجه المعاني العظيمة والأسرار العميقة لهذا الترابط بينهما بقوله: هناك إشارة من خلال هذه العلاقة الوثيقة إلى أن الإسلام دين الرحمة والمحبة والألفة فالراحمون يرحمهم الله وأرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء فإذا أردتم طلب رحمة الله “في صلاتكم” فأرحموا خلقه “بإيتاء زكاة أموالكم لهم” والله كريم يخلق من أنفق ماله في مرضاته ويبارك له فيه وبالتالي فإذا كانت الأمة تصل ما بينها وبين الله بالصلاة وتطلب رحمته فإنها تقوي صلاتها ببعضها البعض بإيتاء الزكاة والتراحم فيما بينهم.
آثار نفسية وخلقية
ويذكر أستاذ القرآن وعلوم الدكتور عبدالقادر ناجي أن الزكاة شرعت لتحقيق حكم كثيرة نفسية وخلقية واجتاعية ويقول: من الحكم النفسية للزكاة كونها بذلا وجودا أنها تريح المعطي وتسر المتلقي وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أفضل الأعمال فقال إدخال السرور على المؤمن قيل وما إدخال السرور على المؤمن¿ قال: سد جوعته وفك كربته وقضاء دينه” أما ما يتعلق بأثر الزكاة في الأخلاق أنها تخلص الإنسان من البخل وتنقذه من آفة الشح وتجعله يغالب النفس فيتطهر ويتزكى وقد قال سبحانه “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها”.
آثار اجتماعية
ويشيد ناجي إلى الآثار المتعلقة بالجوانب الاجتماعية بقوله: من أسرار الزكاة الاجتماعية أنها وسيلة المحافظة على الضعفاء والعجزة في المجتمع واجتثاث شأفة العداوة والبغضاء من نفوسهم عن طريق البذل والعطاء فتقوى الصلات الاجتماعية وينمو التعاون ويحدث التوازن بين المسلمين في المجتمع امتثالا لأمره تعالى: “وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه”.
ويضيف: والزكاة وسيلة من وسائل الضمان الاجتماعي الذي جاء به الإسلام فالإسلام يأبى أن يوجد في مجتمعه من لا يجد ما يتقوى به والملبس الذي يستره والبيت الذي يؤويه فكل هذه الضروريا