إصلاح ذات البين

الشيخ/ السيد علي محمد سالم

* قال تعالى (واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) سورة الأنفال, فكثير ما يكون بين الناس منازعات وخصومات وذلك نتيجة لاختلاف الأهواء والرغبات والاتجاهات ومن ثم فإن المنازعات والخصومات تسبب البغضاء والعداوات وتفرق بين المسلمين والقربات ومطلوب منا أن نسعى إلى الإصلاح بكل الوسائل والامكانات قال الله تعالى ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) سورة الحجرات.
لقد أرسل الله نبيه ليجمع على الإيمان قلوب المؤمنين ويزيل من قلوبهم كل أسباب الشحناء ويطهر نفوسهم من أسباب البغضاء ليكونوا إخوانا متحابين فإذا وجد بين بعضهم خصومة وشحناء ونزاع أمروا أن يتقوا الله وأن يصلحوا ذات بينهم ولقد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري فقال له (رد الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن) من تفسير القرطبي ج5 وعن ابي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا) رواه مسلم لقد اهتم الإسلام بإصلاح ذات البين حفاظا على وحدة المسلمين وسلامة قلوبهم إن الإصلاح يعتبر من إعظم الطاعات فأجر المصلح يفوق ما يناله الصائم القائم فعن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى عليه وآله وسلم (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة) رواه ابو داوود وغيره ومعنى الحالقة التي تحلق الدين وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم يعدل بين الناس صدقة) رواه البخاري, والسعي في الإصلاح يحتاج إلى حكمة والا فإن الساعي أحيانا قد يزيد من شقة الخلاف ولأهمية الإصلاح بين الناس رخص فيه الكذب وذلك إذا كان سبيلا للإصلاح ولا سبيل سواه فعن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا) رواه البخاري وقوله (يمني خيرا) أي ينقل الحديث على وجه الإصلاح ولقد كان يسعى النبي صلى الله عليه وسلم في الصلح بين الناس فعن سهل بن سعد أن ناسا من بن عمرو بن عوف كان بينهم فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه يصلح بينهم فتح الباري حتى أوشك أن تفوته صلاة الجماعة وفي رواية قال اذهبوا بنا نصلح بينهم الله يصلح بين بعض عباده يوم القيامة قال بن كثير رحمه الله في قوله تعالى واصلحوا ذات بينكم قال لنذكرها هنا حديثا أورده ابو يعلى الموصلي في مسنده عن أنس قال بينما رسول الله جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر رضي الله عنه ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي فقال رجلان من أمتي بين يدي رب العزة فقال أحدهما يا رب خذ لي مظلمتي من أخي قال الله تعالى اعط أخاك مظلمته قال يا رب لم يبق من حسناتي شيء قال رب فليحمل من أوزاري ففاضت عينا رسول الله بالبكاء فقال الله لطالب حقه ارفع بصرك وانظر في الجنان فقال يا رب أرى مدائن من فضة وقصور الخ الحديث ولذلك فواجب علينا أن نصلح بين الناس قدر الاستطاعة.
لماذا الاصلاح
لا بد من الاصلاح حتى تحيا الأمة حياة كريمة تأمن فيها على دينها واعراضها وأموالها وحتى تنجوا الأمة من غضب الله ومقته فلا بد أن تكون الصلة بين إيمان الناس وأحوالهم قوية فإذا بدلوا في إيمانهم بدل الله عليهم أحوالهم فأبدلهم بدل الأمن خوفا فالله يحفظ الأمة بالصالحين والساعين إلى الخير لما ينالوه من دعاء كل منكوب ومحتاج.

قد يعجبك ايضا