الأم المرضعة حين تصوم
الثورة

تركيبة غذائية فريدة يزخر بها لبن الأم اختصه الله بها وجعل فيه من الكفاية لمد الرضيع بكامل احتياجاته من الغذاء والماء طوال الستة الأشهر الأولى من عمره.
وبعدها حتى بلوغه عامين كاملين يتم بمعيته تزويد الرضيع بالأغذية المساندة المؤلفة من مجموعة الأغذية الطبيعية التي تفيده وتدعم نموه ومناعته.
لا شك أن أحوال الرضاعة الطبيعية في رمضان – بما يكفل التوفيق بين الصيام والإرضاع- مسألة حساسة تستدعي تزود الأمهات المرضعات بإرشادات غذائية وممارسات عملية مبتكرة وعنها تحدثت الدكتورة/ إيمان جحاف– رئيسة قسم تغذية الرضع وصغار الأطفال بوزارة الصحة العامة والسكان قائلة:
إن لبن الأم صنعة الخالق المبدع جل وعلا لا يضاهيه أي نوع من أنواع الحليب قاطبة ..
يصفه أطباء الأطفال والمتخصصين بالتغذية بالإجماع بألا مثيل له على الإطلاق فهو متكامل في مقوماته وعناصره الغذائية اللازمة لكل رضيع.
يقول المولى عز وجل: ” والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده” الآية (233) سورة البقرة.
وبواقع الحال تحتاج الأم المرضع إلى غذاء متوازن ودعم بالفيتامينات خلال فترة إرضاعها حتى تتمكن من الالتزام بالرضاعة الطبيعية على الوجه الملائم لتصل في المتوسط إلى(8) رضعات يوميا وقد أجاز لها الإسلام أن تفطر في رمضان من منطلق حاجتها المتزايدة لتعاطي السوائل لاسيما إذا كانت تشكو- أساسا- من قلة إدرار اللبن.
فالأم المرضع مطالبة بمواصلة إرضاع طفلها من الثديين رضاعة خالصة طيلة الستة الأشهر الأولى من عمره غير أن البعض يصررن على تأدية فريضة الصيام وهذا يضعها أمام مسؤولية التوفيق بين صيامها ومعيار حفظ صحتها وصحة الرضيع مما يتعين عليها أن تنال قسطا من الراحة الجسدية والنفسية ولا تجهد نفسها على الإطلاق وأن تهتم بغذائها – كما ونوعا- لأن الاهتمام بالرضاعة الطبيعية لا بد له من تغذية ملائمة تتألف من العناصر الغذائية الضرورية لتكوين الحليب خاصة في وجبة السحور وأن تكثر من السوائل في فترة الإفطار بما يعادل لترا ونصف إلى لترين وتكثر من تناول التمر والفواكه والخضراوات الطازجة ومن الأطعمة المدرة للحليب كالأغذية الغنية بالبروتينات والتي يمكن الحصول عليها من اللحم الأسماك الدجاج والحليب ومشتقاته.
بالإضافة إلى الأطعمة النشوية والسكريات والدهون على أن تتجنب البهارات الحارة والبسباس وتبتعد عن التدخين والقات وتعمل على التخفيف من المنبهات أو تبتعد عنها كالقهوة والشاي.
وبهذه الطريقة تستطيع أن تصوم وفي نفس الوقت تواصل الرضاعة من ثدييها ما لم تكن تعاني مشكلة أو مرض ينهكها أو يعيقها عن الصيام .
إن الاستمرار في الرضاعة أثناء الصيام ممكنة دون مشكلة لأن تكوين الحليب الطبيعي لا يأتي مباشرة من الأكل الذي تتناوله الأم وإنما من مخازن المواد الغذائية في جسمها والتي تعطي جسدها – أيضا- القدرة على تحمل ساعات الصيام أثناء النهار بلا طعام أو شراب.
ولأن لبن الأم- أساسا- مكون من ماء وكالسيوم وبروتينات ودهون وفيتامينات وبعض الأملاح المعدنية فإنه يجب أن تكون كل هذه المواد متوفرة في جسمها لترضع طفلها مما يلزمها عناية كاملة بغذائها ليكون متكاملا ومحتويا على العناصر الأساسية اللازمة لجسمها ولتكوين لبن الثديين بما يؤمن لطفلها رضاعة خالصة يحصل من خلالها على كامل حاجته من لبن أمه .
وبخلاف اعتقاد بعض الأمهات فإن الصيام أثناء الرضاعة لا يعرض الطفل للأذى فالأم المرضعة باستطاعتها الحفاظ على إنتاج اللبن وهي صائمة ليفي بحاجة رضيعها.
كما إن الصيام الممتد لساعات النهار كاملة لا يشكل فارقا في كمية الحليب كون الجسم يتكيف فيغير طريقة انتفاعه بالسعرات الحرارية المتاحة حتى في حال عدم أكلها مدة (24) ساعة لا يؤثر ذلك على الكمية أو القيمة الغذائية للبن الأم.
ومن غير المرجح أن يتأثر الطفل من جراء التغير في لبن الثديين أثناء الصيام وهو ما دلت عليه دراسات علمية أفادت بأن وزن ومعدل نمو الطفل لا يتأثران بصيام الأم المرضع إنما التغير الوحيد الذي يحدث في لبنها يكون في الدهون الموجودة في لبن الثدي لكن الجسم – بطبيعة الحال- يعمل على تعويض الدهون من مخازنها بالجسم. كما أن الثدي يقوم بإنتاج دهون تفرز مع لبن الأم.
إن الصيام لا يؤثر على صحة الأم المرضع فجسمها يتكيف بشكل جيد مع الصيام أثناء الرضاعة حتى أن الدراسات أثبتت بأن المرضعات اللواتي يصمن تحتفظ أجسامهن بنفس التوازن الكيميائي للمرضعات المفطرات.
غير أني لا أنصحهن بالاستمرار في الصيام إذا ما شعرت المرضع بأعراض مرضية كالدوار الجفاف أو الإرهاق ا