كيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها اليمن
د/عبد الله الفضلي
د/عبد الله الفضلي –
إن جل دول العالم تمر بأزمات (Crisis) في كل مجالات التنمية الاقتصادية والسياسية وغيرها من الأزمات سواء أكانت طارئة ومستجدة أو مستديمة إلا أن هناك معالجات لهذه الأزمات بصورة آنية ومرحلية ولا يمكن أن تقف حكومات تلك الدول متفرجة وتضع يدها على خدها وتنتظر الفرج من الدول العظمى , بل إنها تعمل وتجتهد للخروج من أية أزمة تواجهها بكل السبل الممكنة .
واليمن هي إحدى الدول المأزومة سياسيا والتي تعاني من أزمات متلاحقة لا أول لها ولا آخر , وأهمها على الإطلاق أزمة الأخلاق والكبرياء وعدم الاعتراف أو القبول بالآخر ومحاولة محوه ومحو آثاره من على الأرض ليخلو له الجو وينفرد بالسلطة والثروة والنفوذ والاستحواذ على الوظائف العامة ويمنعها عن الآخرين وبالتالي وفي ظل هذا التناحر والتنابز بالألقاب وتخوين وتكفير الآخرين كل ذلك قد أوجد حالة تسمى عدم الثقة بين جميع الأطراف المتناحرة وقد انعكست آثارها الأزمة الاقتصادية (Economic crisis) الأشد فتكا بالشعب اليمني والتي تزداد مع مرور الأيام صعوبة وتفاقما كلما اشتدت المناوشات العسكرية بين الجبال والأودية والمدن والقرى والتسابق للوصول إلى نهاية المونديال وإحراز كأس البطولة . إن اليمن اليوم تمر بأحلك وأصعب الأزمات السياسية والاقتصادية ما لم تشهده منذ 50 عاما وأهم هذه الأزمة هي التماهي مع الفساد ومسايرته وإفساح الطريق أمام الملتحقين الجدد بقطار الفساد وتشجيعهم عليه والتغافل عما يقومون به من أعمال فاسدة وعبث بالمال العام وتبديده ونهبه بصورة ممنهجة ورسمية , وكل ذلك ناتج من عدم توافر الإرادة السياسية وجديتها في محاربة ومكافحة الفساد المستشري في مفاصل الدولة اليمنية وإحالة المتهمين والممارسين للفساد إلى الجهات القضائية والمحاكمات العلنية واتخاذ العقوبات والجزاءات الرادعة .
وعلى سبيل المثال فإننا إذا توافرت لنا الإرادة السياسية نستطيع أن نسيطر على الموارد المالية الذاتية والاعتماد عليها في عملية الإنفاق والبناء والتعمير دون الحاجة إلى صدقات المانحين وتلكؤهم إزاء اليمن , وهذه الموارد لو تم ضبطها وضبط إيراداتها فإن الدولة اليمنية تستطيع أن تقف على قدميها شامخة معتمدة على مواردها الذاتية والتي يمكن إيجازها كما يلي :
1 – السيطرة على موارد الضرائب العامة بكل أنواعها ومسمياتها , والرقابة على تحصيلها والحرص على إيصالها كاملة غير منقوصة إلى خزينة الدولة والقضاء على التلاعب والتهرب الضريبي باعتبارها موارد أساسية وسيادية.
2 – السيطرة على موارد الجمارك ومحاربة التهريب ومكافحته والسيطرة على الموانئ البرية والبحرية وتحصيل الرسوم الجمركية من كل فروع الجمارك وعدم التهاون مع المتهربين وإلغاء كل الإعفاءات الجمركية بشتى أنواعها وضبط المتلاعبين بالإدخال الجمركي .
3 – السيطرة على الواجبات الزكوية وحصرها وضبطها وتحديد الجهات التي تتولى جبايتها ومحاسبتها حسابا عسيرا باعتبارها موارد سيادية من موارد الدولة ومنع ازدواجية جبايتها من أكثر من جهة .
4 – السيطرة على موارد النفط والغاز ومشتقاته وتحديد الجهات التي تتولى توزيع المشتقات النفطية وبيعها وعدم السماح للمتنفذين والفاسدين بالمتاجرة بكل أنواع المشتقات النفطية وتهريبها إلى الخارج , وحرمان خزينة الدولة من تلك العائدات . باعتبار المشتقات النفطية موردا اقتصاديا هاما وسياديا حتى تستطيع الدولة الإنفاق على التنمية من عائداته .
5 – السيطرة على موارد المياه والكهرباء وضبط وحصر إيرادات هذين القطاعين الهامين وتطهير المؤسسات الإيرادية من الفاسدين والعابثين والمقاولين من الباطن وإلغاء الصفقات المشبوهة والاتفاقيات التي تعتبر جزءا من الفساد بالإضافة إلى تحسين خدمات المياه والكهرباء حتى تدر على الدولة مبالغ مالية باهظة وقطع التيار الكهربائي على النافذين حتى يسددوا ما عليهم من مبالغ خيالية للكهرباء والمياه . هذا فضلا عن ضبط مخربي أبراج الكهرباء ومفجري أنابيب النفط ومحاكمتهم محاكمة علنية وإنزال العقوبات الرادعة في جرائمهم وذلك للحفاظ على المال العام وفرض سيطرة وهيبة الدولة على مواردها السيادية .
6 – السيطرة والضبط والتحكم على إيرادات الوزارات الخدمية والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بمصالح المواطنين اليومية وتتحصل منهم على مبالغ مالية باهظة تعد بالمليارات مثل إيرادات وزارة الداخلية ومصالحها العديدة المختلفة المنتشرة في أنحاء البلاد وكذلك وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وضبط التلاعب بتلك الإيرادات الضخمة.
7 – السيطرة على الإنفاق الحكومي العام والبذخ والإسراف