من أجل تطوير الكتاب اليمني (2 – 3)
هشام علي

2- طباعة الكتاب ونشره
كانت طباعة الكتاب في الخارج هي الاختيار الأول منذ بوادر النهضة الفكرية في اليمن في مطلع القرن العشرين على الرغم من دخول المطبعة العربية في القرن التاسع عشر مع العثمانيين في صنعاء والانجليز في عدن, لكنهما لم تستخدما إلا لطباعة الأوراق الحكومية في البداية والصحف الرسمية.
وقد كانت الكتب المطبوعة محدودة العدد كما أشرنا سابقا ولم يكن انتشارها واسعا. وفي مراحل لاحقة من الأربعينات ظهرت مطابع عربية اهتمت بإصدار الصحف على نحو خاص ولم يكن الكتاب يدخل في اهتمامها ربما بسبب القدرة المحدودة لتلك الطباعة من جهة ومن جهة أخرى عدم الاهتمام بطباعة الكتب فقد كان كثير من الأدباء والمثقفين لا يميلون لجمع كتاباتهم أو أشعارهم رغم نشرها في الصحف والمجلات والذين تمكنوا من نشر كتبهم كانوا من مستوى اجتماعي معين وفي حالات نادرة كان بعض التجار يقومون بنشر كتب أو دواوين شعرية لدعم الأدباء ظاهرة مهمة لكنها لم تتحول إلى تقليد رغم أنها عكست اهتمام التجار بدعم طباعة الكتاب وانتشاره.
ظلت طباعة الكتب متعثرة ومحدودة وفي السبعينيات بدأت طباعة الكتاب اليمني تشهد انتظاما نسبيا لكن الطباعة في معظمها كانت تتم في الخارج.
وقد قامت وزارة الإعلام والثقافة في صنعاء بتبني مشروع الألف كتاب في أواخر السبعينات ونفذت طباعة نحو ست مائة كتاب خلال عدة سنوات امتدت حتى الثمانيات من القرن الماضي وكانت الطباعة في معظمها تتم في سوريا ولبنان.
وفي عدن كان مشروع الكتاب اليمني الذي ظهر في نفس الفترة حيث تم طباعة نحو ثمانين كتابا في بيروت بالإضافة إلى نشر عدد من الكتب السياسية والإيديولوجية قامت الدائرة الإيديولوجية بالحزب الاشتراكي بطباعتها في بيروت يمكن أن نقول أن التجربة الأكثر أهمية في طباعة الكتاب اليمني قامت بتنفيذها دار الهمداني للطباعة والنشر في مطلع الثمانينات حيث تم طباعة أكثر من ست مائة كتاب في مطابع الدار في عدن وقد أرست هذه التجربة تقليدا مهما في طباعة الكتاب وتطويره فنيا وموضوعيا رغم أن هذه التجربة لم تستمر طويلا.
إذ توقفت الدار عن الطباعة بعد استشهاد مديرها العام الأستاذ/ أحمد سالم الحنكي في أحداث 13 يناير 1986م.
وتمثل تجربة دار الهمداني مثالا فريدا ومتميزا على القيادة الثقافية ودورها في تحقيق المشروع الثقافي ودعمه ويستحق الأستاذ/ احمد سالم الحنكي أن نحيي ذكراه كقائد رائد في هذا المجال وشهدت التسعينات ظهور كثير من المطابع ودور النشر لاسيما بعد صدور قانون الصحافة والمطبوعات الذي أوضح الأسس القانونية لإنشاء المطابع ودور النشر وفتح مناخا جديدا لحرية التعبير والفكر في السنوات الأولى من عمر الجمهورية اليمنية.
انتشرت طباعة الكتب في داخل اليمن بالإضافة إلى استمرار الطباعة في الخارج. وكان النصيب الأكبر من الطباعة يتمثل في الكتب الدراسية والجامعية بالإضافة إلى الكتب الدينية والتراثية وفي 2004م أثناء الاحتفاء بصنعاء عاصمة الثقافة العربية قامت وزارة الثقافة بطباعة نحو ثمان مائة كتاب لباحثين وأدباء وشعراء يمنيين وقد كانت هذه العملية الكبيرة في طباعة الكتب مساهمة نثرية في نشر الكتاب اليمني انعكست أثارها الايجابية في الحياة الثقافية الا أن أهميتها لم تكتمل لأنها لم تسهم في تطوير عملية الطباعة في اليمن أو في إيجاد مطبعة خاصة بوزارة الثقافة يبقى عملها بعد انقضاء الاحتفالية الخاصة بالعاصمة الثقافية.
وفي العام نفسه وضمن الاحتفاء بالعاصمة الثقافية قام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بتنفيذ مساهمة كبيرة ومتميزة في طباعة الكتاب حيث نشر في ذلك العام أكثر من مائتي كتاب لأدباء يمنيين وكان ما يميز هذه الإصدارات إنها طبعت في اليمن في مركز عبادي للدراسات والنشر وكان الأستاذ/ محمد حسين هيثم رحمه الله هو قائد هذه التجربة الرائدة في أثناء قيادته للاتحاد. وهذا الشاعر المثقف يستحق الوقوف إحياء لذكراه وريادته في هذا المشروع الثقافي الذي لم يتكرر.
وفي العام 2010م كان الاحتفال بمدينة تريم عاصمة للثقافة الإسلامية وتمت طباعة نحو مائة كتاب بهذه المناسبة معظمها تحت طباعتها في بيروت في تكرار لتجربة صنعاء عاصمة الثقافة العربية وبعدد أقل من الكتب.
وفي هذه المرحلة ظهرت العديد من المطابع داخل اليمن. خلط بعضها بين الطباعة التجارية وطباعة الكتب كما أنشغل بعضها بطباعة الكتب المزورة وهي نسبة قليلة لكنها حملت سمعة سيئة لإعمال الطباعة في اليمن ويمكن تصنيف الكتب المطبوعة في اليمن سواء في الداخل أو الخارج على النحو التالي:
1- الكتب الدينية وتحتل النسبة الغالبة.
2- الكتب الدراسية الجامعية ومناهج الثانوية العامة.
3- الكتب التراثية والتاريخية.
4- الكتب الأدبية وخاصة الدواوي