الدين القويم

الشيخ/ حسن عبدالرحمن حسانين

للمسلم عندالله تعالى حرمة وقدر ولجنابه احتراما وحماية وخطرا, وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم»لزوال الدنيا أهون عند الله من إراقة دم مسلم» ولقد جاءت الشريعة بالآداب والتوجيهات والأحكام والحدود التي تعظم الحرمات وتحمي المسلم أن يمس بأدنى أذى ولو كان لمشاعره وأحاسيسه ولقد قرر الإسلام الأخوة مبدأ يستوجب الإحسان وينفي الأذى مهما كانت صوره وأشكاله قال الله تعالى «إنما المؤمنون إخوة» الحجرات(10).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله التقوى هاهنا وأشار بيده إلى صدره ثلاثا بحسب أمرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» متفق عليه وكل مسلم صادق في إسلامه ينبغي عليه أن يرعى حرمات أخيه المسلم وحقوقه فقد كانت حجة الوداع إعلانا لحقوق المسلم وإشهارا لمبدأ كرامته وتعظيم حرمته وقدره عند الله تعالى وتحريم أذيته بأي وجه من الوجوه في ميثاق تاريخي نودي به في أعظم محفل ولذلك فإن انتهاك حرمة المسلمين التي عظمها الله تعالى والتعدي عليهم بأذيتهم لمن أعظم الذنوب والآثام وقد قال الله تعالى» والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا» الأحزاب (58).
وتزداد الجريمة إثما إن كانت الأذية للصالحين والأخيار من المسلمين وفي الحديث القدسي الذي رواه البخاري يقول الله عز وجل:» من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب».
فمن المخذول الذي يتصدى لحرب الله تعالى وقد قال: إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور» الحج (38).
وعلى قدر إيمان العبد يكون دفاع الله تعالى عنه وإذا ارتقى العبد في الإيمان إلى مقام الولاية تأذن الله بالحرب لمن عاداه.
لقد بلغت الشريعة الإسلامية أن حرمت ما يؤدي إلى مضايقة المسلم في مشاعره فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه» وفي رواية:» فإن ذلك يؤذي المؤمن والله يكره أذي المسلم» رواه الترمذي.
بل وصل الأمر إلى الجزاء بالجنة لمن أزال شوكة عن طريق المسلمين.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة» رواه مسلم.
فانظر ثواب من كف عن المسلمين أذي وإن كان يسيرا.
إن مجرد كف الأذى لهو معروف وإحسان يثاب عليه المسلم قال صلى الله عليه وآله وسلم» تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك عن نفسك). رواه مسلم.
ولما سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أي المسلمين خير¿ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده» متفق عليه.
قال الإمام ابن حجر رحمه الله: فيقتضي حصر المسلم في من سلم المسلمون من لسانه ويده والمراد بذلك المسلم الكامل الإسلام فمن لم يسلم المسلمون من لسانه ويده فإنه ينتفى عنه كمال الإسلام الواجب إذ سلامة المسلمين من لسان العبد ويده واجبة وأذى المسلم حرام باللسان واليد.
وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا: يا رسول الله مالنا بد في مجالسنا نتحدث فيها, فقال – عليه الصلاة والسلام – :إذا أبيتم إلا المجلس فاعطوا الطريق حقه, قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله¿ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» متفق عليه.
فمن صور الأذى: مضايقة المسلمين في طرقاتهم وأماكنهم العامة ورمي النفايات فيها بلا مبالاة ولا احترام يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: « اتقوا اللعانين قالوا وما اللعانان يا رسول الله¿ قال: الذي يتخلى «يتبرز» في طريق الناس أو في ظلهم» رواه مسلم.
بل حتى من كان له قصد صحيح فإنه لا يجوز له إن كان سيؤذي المسلمين, وقد جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب فقال له: أجلس فقد أذيت».
وعن جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: « من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» أخرجه مسلم فدل على منع أذية المؤمنين ولو لم تكن متعمدة ولو كانت لغرض مشروع فكيف بالأذى المتعمد في موافقة هوى النفس وشهوتها.
فإذا كان الإسلام يحرم ظلم المعاهد عندما قال: من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة» رواه أبو داود بإسناد صحيح.
فإذا كان هذا في ظلم المعاهدين فكيف بمن ظلم إخوانه المؤمنين¿ عن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال: قيل

قد يعجبك ايضا