الحركة العقلأنية العربية!!
حسن أحمد اللوزي
الحياة لا تدل على معناها بدون الحيوية والإيجابية واللذين لا يمكن أن يعبر عنهما سوى الفعل.. ولذلك فإن هناك مسافة كبيرة بين من يصنع النتيجة والثمرة والإبهار وبين من يتلقى ذلك راضيا أو مستلبا أو مستهلكا ومبهورا ولا معنى لاستجابة أمتنا العربية للتحدي إلا في أن تكون أمة فاعلة.. قد تنفعل بما حولها أو بالآخر.. لكنها لكي تسترد صحوتها وعافيتها لابد من أن تدخل عنوة واقتحاما مدار الفعل الحقيقي الذي لن يتحقق إلا بقوة الحضاري فيها ولن يتحرك إلا بإرادة المستقل الذي له أصالته وجوهر تميزه في عقيدته و ثقافته ورسالته في الحياة الإنسانية المنتجة أولا!
إذا فالمطلوب الآن هو أن تتجاوز الأمة العربية حالة الارتهان والخضوع لما يملي عليها أو ما تساق إليه عنوة عوده جرجرة وخديعة نحو بؤر الصراع والفتنة والاحتراب الأهلي والفوضى الهدامة والتي بدا انها صارت رائجة أو متحكمة مما يجب حتما أن تتحرر منه أولا بل وترفض الركون في هامش الضعف والتقليد والإفراط في الاستهلاك !
إن على كافة الأقطار العربية أن تدرك حقيقة التحول الكبير الذي صارت تعيشه البشرية لصالح الإنسان الفرد الحر والمجتمع المتعدد وحتمية التوافق على نظام جامع ومقبول من الجميع ولا مجال لاستقرار أي نظام للحكم بدون العمل تحت مظلة رؤية فكرية إنقاذيه متكاملة و متجأنسة لإحداث إصلاحات تغييريه سلمية ذاتية من داخل بنيتها القيادية وفي مؤسسات الدولة القطرية و تكوينات المجتمع المدني على أن تعتمد منذ الخطوات الأولى العملية وبصورة يقينية واضحة للتغلب على كل أسباب ومعوقات النهوض القومي وأن تكون الأرض العربية كلها المسورة بالماء والصحراء مساحة الحركة القومية الوفاقية السلمية المعتمدة على الذات التي تشكلها كافة الفئات والطوائف والتكوينات السياسية والثقافية والاجتماعية دون استثناء لأي طرف أو لأية فئة والعمل على تنظيم حركتها العامرة بالتفاعل والتجاوز والإثمار في خدمة المصلحة العليا الوطنية والقومية ورعاية المصالح المشتركة والحرص على الموازنة العادلة في ما بينها وعلى أساس من الاعتراف بالتعدد والتكامل داخل كل قطر عربي وعلى امتداد الأرض العربية كلها
وفي الجملة الفعلية الجديدة لتكون أمة الضاد والوسطية والإرث الحضاري العظيم مستوعبة لمحتوى الزمن الإنساني الجديد ومدركة وفاهمة لمحتوى التطور وأن تكون متجاوزة لكل صور الماضي المشين والمتخلف دخولا حقيقيا في خضم الشراكة الإنسانية والجهاد المثابر والعنيد لتدخل كل الأرض العربية إلى الجملة المستقبلية التي لا يمكن أن تكون إلا جملة وحدوية تحكم تركيبتها الممارسة الشوروية وفي صور وأشكال من الديمقراطية الاجتماعية والتوافقية – وتنتصب العدالة الاجتماعية في مرتكزها كشوكة ميزان وكبوصلة تهدي الطريق وترشد الإرادة الحرة الصانعة للقرار وتحرك القوة الصانعة للفعل في حركتها السلمية العقلانية المنظمة و الصاعدة وبحيث تتمتع كل خلايا ومكونات الأقطار العربية بترجمة طموحاتها وأمانيها الوطنية تحت مظلة الهوية العربية.. وفي أحرفها الدالة على معناها الحضاري الجديد..
وما من شك بأن كل أنسأن عربي هو ضد الصورة السوداوية الماثلة في أغلب اللوحة التي يراها على الجغرافيا العربية وفي مجرى التاريخ وهو يرفض أن تبقى الأمة العربية مستلبة الإرادة ومنتهكة السيادة ومستنزفة الثروات ومستعبدة المقادير مهدورة العزة والكرامة مكبلة الحرية محرومة من حق ممارسة وجودها الحر الكريم وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء الدولة وتسيير مؤسساتها و تنظيم علاقاتها على مبادئ الحكم الرشيد
كل أبناء الأمة العربية هم ضد أن تظل الأمة في التاريخ جملة خبرية سالبة وحالة مستلبة يحكي عنهما بالسخرية والشفقة في حاضرها المنكوب وفي أمرها المغلوب.
وليس عليها في سبيل الوصول إلى ما ندعو إليه غير تجديد إرادتها وإعادة تنظيم حركتها العقلانية الوفاقية والسير بها نحو ترجمة محتوى الإيمان الكامن في الضمير القومي المعاصر والتي وجدت وتجد لها متنفسا في التنظيرات الحرة الداعية للتعايش التوافقي فكرا ورؤية وفقها وثقافة و في انطلاق الفعل الحر المقتدر لتحرك التاريخ العربي في مجرى الفاعلية وصياغة التغيير الحقيقي في محتوى الجملة المستقبلية المتصلة بحياة الأمة وممارساتها لوجودها الحر الكريم وبالتالي بتشكيل جديد للجغرافيا الحية المنتصرة على كل مصطنع.. ودخيل.. وتصحيح كل ما تم تزويره وتشويهه في بصمات التاريخ العربي وجغرافيا الأرض العربية المسورة بالماء من كل الجهات.
ولاشك بأن خفايا وتجليات هذا الأمر تؤكد الأمل.. في مقدرة العمل التوافقي والحركة العقلانية العربية على إعادة صياغة حركة التاريخ العربي نحو الصحوة القومية الشاملة.. والحرية و التعددية السياسية والتنمية العادلة والنهضة الاجتماعية المنتجة تحت راية الدولة الرشيدة والعادلة ولن تخسر أمتنا