العرب حطب جهنم!!

خالد القارني


منذ أن تمكنت الحركة “الشعوبية” من اقصاء العرب من زعامة الدولة في بغداد في أواخر القرن الثالث أو مع بداية الربع الهجري تعرضت الأمة إلى غزو فكري وثقافي رهيب لم تتوقف عند تغيير وتشويه قيم الإسلام التي كانت في ذلك الوقت حديثة بل تعدى إلى تغيير دين العرب القديم” المروءة” هذا الغزو الرهيب استبدل قيم أصيلة بقيم جديدة حقق للغزاة أهدافا غير متوقعة أعلاها نزعة كرامة العربي واستعباده روحيا وماديا حتى نسى العرب الكلمة اللصيقة باسمهم “العربي الحر”.. ونتيجة هذا الغزو واختلاط العرب بشعوب جديدة دخلت الإسلام حدث تراجع سريع لمكانة العربي في المجتمعات الناشئة وبرغم المقاومة الدائمة من العرب لذلك إلا أن جميعها فشلت في وقف هذا التدهور في الدور والمكانة.
وازداد الأمر سوءا عندما تمكنوا من تفتيت العصبية العربية الواحدة إلى عصب متناثرة وهزيلة لم يقم للأمة بعدها قائمة حينها تحولنا في لعبة المصالح كأمة أو كشعب إلى “حطب جهنم” الصراعات مصالح الأمم الأخرى وما يجري اليوم من المحيط إلى الخليج هو حلقة من سلسلة طويلة شهدت فيها المنطقة حروبا طاحنة بين العرب وتجني ثمار هذه الحروب أمم أخرى ذهب منا الملايين شهداء بلا قضية هدمت بلداننا بلا مشروع تسابقنا لنبيع بعضنا بعضا لدى الأعداء بلا ثمن صنعنا عبوديتنا بأيدينا بكفر بعضنا بعضا ألغينا من قاموسنا العربي “الاحترام المتبادل” و”الشراكة في الأمر” و”العدالة في الثروة” .. أسس بنى عليها “أصدقاؤنا” دولهم وحضارتهم.. عندما طالبنا بها قالوا لنا: هذه لا تصلح لكم انه منطق “السيد” لعبيده منطق المستعلي والمستكبر لمن هم دونه.. دقوا أبوابنا ودعونا إلى “الديمقراطية” وعندما فتحنا لهم أبوابنا وصدورنا ومقدمين لهم الشكر على هذه الدعوة ” الديمقراطية” المتميزة التي نحن بأمس الحاجة إليها إذا بنا عند ممارستها وتطبيقها نتفاجأ بقولهم:” الديمقراطية الغربية لا تصلح لكم” لا لسبب جوهري إلا لأن نتائجها غير مطلوبة لخدمة مصالحهم فنعود مرة أخرى إلى نفس المربع” حطب جهنم”.. دعونا إلى احترام حقوق الإنسان حق المرأة حق الطفولة فإذا بنا نتفاجأ بسياسة ازدواج المعايير إن كان من ينتهكها حليف لهم فلا تثريب عليه وإن كان المنتهك ممن وضعوا عليه دائرة حمراء فويل له ولمن خلفه.
وكلما يحلونه لأنفسهم يحرمونه على غيرهم كلما يخدم مصالحهم يجب تنفيذه حتى لو كان يتعارض مع قيمهم وقوانينهم ولهم في هذا طرق ومذاهب تخرجهم عن دائرة اللوم أو العتاب أو حتى دائرة العقاب.
إن هذا الصنف من “الصداقة” للعرب تتوارثها الأمم في كل مراحل التاريخ صحيحا أنها ليست “صداقة” من أجل “الصداقة” إنما هي لتحقيق مصالح مستقبلية أو حماية مصالح موجودة.. أما العداوة من أجل العداوة فلا توجد إلا في أخلاق عرب اليوم ” نحن العرب لسنا بحاجة لأعداء نحن خصوم بعضنا البعض مدى التاريخ”.. كما لسنا بحاجة إلى متآمرين نحن عباقرة للتآمر على بعضنا بعضا مدى التاريخ.
كما أن العدو اليوم ليس بحاجة إلى حشد جيشه ليقتلنا ويدمرنا نحن أعفيناه من هذه المهمة الخطرة والمكلفة له وها نحن نقوم بالنيابة عنه شاكرين حامدين له أسماءه وألقابه المدهشة التي منحنا إياها.. واه منكم وعليكم يا “حطب جهنم”.

قد يعجبك ايضا