اليوم .. اليوم

عبد الرحمن بجاش


هذا الصباح يتجه آلاف الطلبة إلى مصيرهم المحتوم ((اختبار الثانوية العامة)) أو إلى حيث يبحثون عن البعبع ((المعدل)) الذي يذل من يشاء ويرفع من يشاء, والشاطر هو الذي يكسب دائما.. ليس بالضرورة المجتهد هو من يتبوأ المراكز الأولى, لأن الأمر دائما يتحول إلى حملة د اية ترهق أعصاب الجميع إلى الآن!!
كان أهلنا يفرحون حين يكمل أبناؤهم اجتياز بحر المانش إلى الضفة الأخرى, الآن يتحول النجاح إلى عبء يبدأ بالبحث عن المنحة في دهاليزها القاتمة السواد, وإن نفذ عاد الهم بعد سنوات أكبر, حيث لا وظيفة, وهنا يبدأ الهم الأكبر لأولياء الأمور إذ كلما مر الوقت تحول الخريج إلى عبء في البيت على نفسه وأهله, فيما نحن فرحون بالأعداد التي تتخرج من الثانوية العامة, وأنظر فنحن نغالط أنفسنا أيضا حيث نسبة النجاح تتحول في الأخير إلى قرار سياسي !! ويستمر الأمر سنويا بدون إجتراح الحلول إذ لا يزال الطلاب يتدفقون إلى الجامعات في نفس التخصصات المتخمة بها الأسواق, ونظل نصر على الحديث بأننا نتقدم إلى الأمام!!, الثانوية العامة ارتبط أمرها بالغش وقد سمعت حكايات يشيب لها الشايب وليس الشاب حيث كل عام تجترح الطرق لمزيد من الغش الذي لن تستطيع التربية والتعليم وحدها القضاء عليه أو حتى الحد منه لسبب أنه غش مجتمعي, إذ أن ما نراه في السلع والخدمات وفي تعامل الناس ببعضهم وحلف الأيمان المغلظة بأنه من حق اليوم وهو من حق أمس, والغش في البترول والسيارات وقطع الغيار, وقولة أحمر عين للكذاب والسارق والمرتشي وبرافو بالانجليزي للفاسد الكبير ودبöر أمرك قبل أن يحين أحد الأجلين وأبي ما هلوش وأنت موجود في البيت والغش في الإعلانات والغش في تمور رمضان, والغش في الانتخابات… كل ذلك وغيره لا يمكن أن يكون الطالب في معزل عنه, يكفي أن يداوم على دواوين النميمة والغش والتزوير والترقيع يومين في الأسبوع يخرج غشاش من الطراز الأول, أما إذا انضم إلى حزب أو استعار 2500 صوت من أي حزب وشكل حزبه فابشر بأكبر غشاش على وجه ما نسميها الديمقراطية, وهي حكاية غش أكبر لو تعلمون!!, إذن الأمر مناط بإصلاح الحياة العامة وبإعادة منظومة القيم إلى العمل من جديد.. فالخطاب السياسي حين يرسخ الكذب شطارة ماذا تتوقع من الأبناء¿¿ سيخرجون أكبر غشاشين ومزورين, ولأن الأمر كذلك فانظر يستسلم الناس لأكبر عملية غش ترعاها وزارة التعليم العالي وتباركها, فأبناؤنا قد تخرجوا قبل أن يتخرجوا!!, وأغلبنا حضر تحت وطأة ضغط الأبناء حفلات تخرجهم قبل أن يدخلوا قاعة الاختبار!!, ترى بعض أولياء الأمور يستهجن على استحياء أما أغلبهم فيخرج منتصرا (أين كنت¿) يقول لك بكل الفخر( حضرنا حفل تخرج الوليد)!! وهو يعلم أنه متجه تلك اللحظة ليشتري له ربطة قات لكي يذاكر للاختبار!!, وانظر فمئات من الأبناء تعلموا تعاطي القات بمبرر المذاكرة للاختبار!!, فيخرج كل منهم مصيبة جاهزة وكل يوم (هات يا والد قيمة القات) ويا ويلك إن لم تستجب خاصة وفي بالك البدائل الأخرى, على أن (الديازبام) جزء أساسي إلى جانب (الريد بول) و(الديو) من حفلة الزار اليومية تحت سحائب دخان السجائر!!, وإلى أن نتخلص من عقدة المعدل فسيظل مسلسل الغش مستمرا مهما حلف الحامدي والأشول أغلظ الأيمان, إذ أن المصيبة أكبر منهما.. وإذا أرادا أن ينفعا هذا البلد فليخلصانها من ربقة الاختبار بتقييم أعمال السنة كأساس لمنح الدرجات.

قد يعجبك ايضا