خمس شموع ! !

نبيهة محضور


كانت النشوة تملئ قلبيهما .. وهما يعبران الطريق المتعرجة في حديقة المطعم , الأشجار تعانق بعضها على جنبات ذلك الطريق, زخات المطر الباردة جعلتهما يقتربان أكثر من بعضيهما , مد ذراعه خلف كتفها ليجذبها نحوه , كانت أنفاسهما المتقاربتان تبعثان فيهما الدفء, عبرا ذلك الطريق بخطوات مسرعة مصحوبة بضحكات خفيفة .. اخترقا تلك البوابة الزجاجية المحاطة بالورود , على يمينها كانت تلك الطاولة بانتظارهما.. جلسا عليهامتجاورين , الطاولة تطل علىحديقة المطعم الغناء, شجيراتها نسقت بشكل بديع ..كأنها لوحة رسمت بيدي فنان مبدع , يفصلها عنهما ذلك اللوح الزجاجي المبلل بقطرات المطر .
امتدت يداه لتحتضن يداها بحنان , لحظات من الصمت الدافئ تحيط بهما , عيناه ترسلان لها باقة من المشاعر الساخنة .
عفوا ماهي طلباتكم ¿
“صوت النادل قطع تدفق مشاعرهما “
ماذا تريدين ياعزيزتي على العشاء ¿
سأترك الاختيار لك ياعزيزي ..
كان ذلك المساء رائعا بالنسبة لهما , تجددت فيه مشاعرهما , تجاذباأطراف الحديث .. وهما يتناولان أصنافالعشاء الفاخر , على تلك الطاولة , في تلك الزاوية من هذا المكان, الذي اعتاد زيارتهما في الأول من يناير من كل عام .. يحتفلان فيه بميلاد عام جديد ويوم جديد من أيام زواجهما .
بعد دقائق يطل عليهما النادل , وهويحمل بيديه ذلك القالب المزين بالكريمة البيضاءوحبات الكرز اللذيذة, يعلوه خمس من الشموع المضيئة , يضعه أمامهمامهنا لهما بعيد زواجهم .
عزيزتي مرت خمسة أعوام على زواجنا , يالسعادتي بوجودك معي تشاركيني حياتي .
حقا .. مرت كأنها حلم !
لازلت أتذكرتألقك بذلك التوب الأبيض .. كنتö ليلتها كأميرة في ألف ليلة وليلة وكنت مشغوفا بك حتى الثمالة ..

كنت ! هذا يعني ان مشاعرك قد تغيرت ..!
تغيرت ! مستحيل ياحبيبتي .. بل قد ازددت شغفا بك .
كانت كفيه تبعثان في روحها الدفء , وهي تحتضن كفيها , عيناها ترقص فرحا..كانت كطائر يحلق في السماء ..يعانق السحاب .
دفء كفيه لازال يسري في كفيها.. يتوغل في أعماقها .. يزداد شيا فشيا يكاد يحرقهما !
آه .. صرخت الم تنبعث من شفتيها ..تنبهت أخيرا يداها كادتا تحترقان وهي تمسك بحلة الطبخ على النار , بل قد نالت منها النار ما نالته .
ها .. أنتö يا مرآة .. أينأنتö .. مضت ساعة على وصولي ولم تقدمي لي الغداء .. ما هذه الحياة.. يالكö من امرأة ..
صوته كاد يدك أركانالمنزل.. كأنه زلزال مفجع بعثر مشاعرها .. قضى على لحظات السعادة التي عاشتها لثواني .
تلاشت من أمام عينيها شيا فشيا الحديقة الغناء .. الخمسة شموع .. دفء يديه ..
لم يبقى إلاأصابعها المحترقة وصوته الذي أصمإذنيها :
أسرعي بالغذاء .. زيدي من الفلفل الحار .. اغسلي القات .. جهزي المتكأ
يالكö من امرأة ..

قد يعجبك ايضا