اليمن واللاعبون بنار الإرهاب والفتن
احمد الزبيري

مقال

الحسابات الخاصة المصلحية الضيقة لا ندري لماذا تصر عليها بعض القوى والأطراف السياسية في هذا البلد مع انه بات واضحا وجليا لكل ذي عقل ولب وبصيرة أن المصلحة الحقيقية للجميع تكمن في ظل الأوضاع والظروف الأمنية والاقتصادية والمعيشية بالغة الصعوبة يرزح تحتها الغالبية العظمى من الشعب اليمني بضرورة العمل الجدي الصادق المسؤول على التسريع بتنفيذ وثيقة الحوار الوطني وفي المقدمة انجاز الدستور وفقا للمحددات والموجهات المتوافق عليها في مؤتمر الحوار الوطني وبحيث يكون عقدا اجتماعيا متماسكا مستوعبا لكل ما يتطلبه ويتطلع إليه اليمنيون من امن واستقرار وعدالة اجتماعية مجسدة لشراكتهم في السلطة والثروة والمعبرة عن المساواة في الحقوق والواجبات لا مكان فيها للتمييز والإقصاء والتهميش المناطقي والجهوي والمذهبي وبهكذا فهم ووعي نتجاوز الماضي ونصنع المستقبل الذي ينشده كل ابناء اليمن.
ان ما دفعنا لتناول كهذا هو المشهد السياسي والاقتصادي والامني والإعلامي الملتبس تجاه قضايا وتحديات المواجهة معها ليست منوطة بجهة او طرف في الدولة او في المجتمع بل بنا جميعا مواطنين وسياسيين وحزبيين ومثقفين وإعلاميين.. فالحرب على الإرهاب والأعمال التخريبية قضية وطنية عامة تستوجب من الجميع كلا من موقعه خوضها جنبا إلى جنب مع القيادة السياسية والعسكرية ومنتسبي القوات المسلحة والأمن لا بالسعي الى إظهارها وكأنها معركة تعني رئيس الجمهورية او الجيش والامن أو أن ينظر اليها باعتبارها تصب في صالح طرف ضد طرف آخر وهذا واضح من خلال ما صاحب المواجهة مع الارهاب بأبين وشبوة من تأزيم للحياة المعيشية والخدمية للشعب ومضاعفة معاناته باتجاهات تخدم العناصر الارهابية لتبدو القوات المسلحة والأمن وكأنها في معركتها مع شذاذ الآفاق الذين استهوتهم مهنتهم الشيطانية ليصبح سفك دماء الابرياء وتدمير الأوطان غاية في ذاتها تلبي الشر الذي استوطن ارواحهم المريضة بداء لا شفاء منه إلا بالقضاء عليهم واستئصالهم من الارض اليمنية وهذا يتطلب تصديا حاسما وحازما وشاملا لا ان تجري الحرب مع الارهاب وظهر الوطن والشعب وقواته المسلحة والامن مكشوفا من اولئك الذين يسعون ويعملون على فتح جبهات جانبية لصراعات عبثية ليس لنا كوطن وشعب ناقة فيها ولا جمل انما هي تعني اطرافها وشخوصها وتعكس اجندة تتعارض وتتناقض مع المشروع الوطني التسامحي التصالحي الذي يحمل في مضمونه المصلحة الحقيقية لنا جيل الحاضر وأجيالنا القادمة حتى أولئك الذين يظنون ويتوهمون أن انتصار اليمن واليمنيين ونجاحهم في الوصول إلى بر الأمان هزيمة وفشلا لهم ولمشاريعهم في الهيمنة والتسلط والفساد واستعادة الماضي القريب والبعيد غير مستوعبين بحكم نظرتهم القاصرة وضيق أفق تفكيرهم وأنانيتهم المستغرقة في نرجسية استعلائية جاهلة ان الزمن قد تغير وما كانوا عليه قد ولى بغير رجعة وعليهم ان يتغيروا لأن في ذلك مصلحتهم ومصلحة وطنهم وشعبهم.. مع ان أفعالهم وممارساتهم وسلوكهم يقول أنهم لا يؤمنون به ولا ينتمون إليه رغم ادعائهم ذلك.. فالانتماء تترتب عليه استحقاقات وحقوق وواجبات وهو ما لم نجده فيهم.
في هذا السياق نقول أن الموقف من الحرب على الإرهاب وكل أشكال التعصب والتطرف والعنف والكراهية هو المحك المحدد لمن حقا يستشعر المسؤولية ويملك المصداقية تجاه اليمن وشعبه ومن يقف ضد وحدته وأمنه واستقراره ويعيق مسيرة الخروج من أزماته.. الفترة التي نمر بها دقيقة وحساسة ولا تحتمل المزيد من اللعب بالنار ومن يقوم بذلك عليه ان يدرك قبل فوات الأوان انه وحده من سيحترق بها.