بنات إسكندرية

محمد المساح


 - مضى الليل وهولم يكتب شيئا ترك السيجارة على حافة الحجرة ترمدت وأحترقت بصمت القبور ونامت على طولها على الحافة حتى أتى الريح وطار رمادها مفتونا تشتت مع الريح في جزء صغير من الثانية لا عين تلحظة ولا بنان مختظلة قدرت على قبضه.
مضى الليل وهولم يكتب شيئا ترك السيجارة على حافة الحجرة ترمدت وأحترقت بصمت القبور ونامت على طولها على الحافة حتى أتى الريح وطار رمادها مفتونا تشتت مع الريح في جزء صغير من الثانية لا عين تلحظة ولا بنان مختظلة قدرت على قبضه.
طار الليل وأشرف الفجر وتذكر ثانيتها كالمنفي العائد من منفاه في جزر مرجانية ملونة أطرافها بطحالب ذهبية تذكر ورمى الكتاب من بين أصابعه وضرب أصبع على أصبع وفرقع ندما لذيذا.. عادت يده لتلم الكتاب وتفتح وسطه حيث عطف الورقة من أسفل علامة التوقف..
وتساءل مع نفسه هل يكتب أو يؤجل وينتهي في الرحيل حتى آخر الكتاب..
بنات إسكندرية كيف وقع في يده.. وسيتذكر أنه أعاد قراءته للمرة الثالثة وكأنه لم يقرأه أبدا فيعوم في ثبجة الأزرق الدافئ.. بنات إسكندرية.. إدوار الخراط”.
حوريات الذكر والتخاييل ماثلات أبدا عن أجساد وأرواح هائمة مندثرة تهاويم سحيقة القدم أحتشد بها الصباء والشباب.
بنات إسكندرية وبحر إسكندرية غوايات قائمة لا تنتهي ومحبات لا تبيد.. يقول إدوار الخراط في المرأة في تجربتي الأدبية: عندما أنظر من هذا الموقع في غسق العمر إلى المرأة في تجربتي الأدبية أجدني ما زلت مشتعلا بهذه الخبرة متقدة في عمق لا ينال مني وضاربة حتى الآن بقوة لا يوهنها مر السنين ولا تفاقم الإحباطات بل ربما لذلك بالضبط هي لا تهن.
يقول في نفس السياق”وهي هي هذه الواحدة المتعددة هذه العابرة الخالدة التي نجدها مرة أخرى في مجموعة “ساعات الكبرياء” في جرح مفتوح باسم متميز وأظنه دالا هو “أجية” أي قديسة باللغة القبطية.. إن “أجية” في الستينيات هي إرهاص مستبق ووعي عميق مستسلف بالهيكل الشامخ الذي تمثله “رامة” في السبعينيات وما بعدها حتى الآن..
يقول في حواره مع ذاته: كان في وهمه أنه من الممكن في داخل سجن المواضعات التي أقمناها لحياتنا أن يصل إلى هنا المطلق في حبه يريده في قلب المستحيل أن يصل إليها كلها وأن يعطيها نفسه كلها قال: المعرفة عندي هي الحب¿
ويختتم حواره:
أما صاحب أمواج الليالي فنحن نستمع إليه في النهاية: قلت: أما لهذا الليل من آخر¿ ولا للشوق آخر¿ طال السرى وشطت الشقة وأستحصد النأي فأين المرأى ومتى المعاد¿.

قد يعجبك ايضا