(المعضلة اليمنية اقتصادية بامتياز)

جمال عبدالحميد عبدالمغني

 - جمال عبدالحميد المغني- رئيس المنتدى الوطني لمكافحة الفساد
ليس هناك شعب تسلب حقوقه وأمواله بشكل شبه علني بل علني كما يحدث في اليمن وليس هناك شعب يضطر للوقوف أمام بوابات ناهبيه في قصورهم وشركاتهم على بقية
جمال عبدالحميد المغني- رئيس المنتدى الوطني لمكافحة الفساد
ليس هناك شعب تسلب حقوقه وأمواله بشكل شبه علني بل علني كما يحدث في اليمن وليس هناك شعب يضطر للوقوف أمام بوابات ناهبيه في قصورهم وشركاتهم على بقية حصولهم رغيف الخبز وزجاجة الدواء وهو يعلم علم اليقين أن القابعين خلف الأسوار هم لصوص كبار يستحوذون على حقوقه ثم يرمون له ما يرون من ملاليم إن جاءهم متسولا ليلا كي يقول عنهم فلان المتصدق الزاهد أعطاني خبزا وشرابا فسد رمقي وأنقذ حياتي ادعوا له بالخير.
في معظم دول العالم وبالذات المتقدم منها تصنف جرائم التهرب الضريبي ضمن جرائم الخيانة العظمى وحين تثبت مثل هذه الجريمة على تاجر معين يتمنى أن الخالق لم يخلقه أو أنه كان نسيا منسيا لماذا¿ لأن المجتمع سينبذه وينبذ أسرته وسيسجن سنينا طويلة وسيدفع أضعافا مضاعفة لكل من سرقه منذ بدأ نشاطه وحتى فضيحته في أول جريمة تهرب يتم اكتشافها لن تكتفي مصلحة الضرائب بأخذ ما سرقه هذا المجرم في تلك السنة التي ظهر فيها تهربه مع إضافة الغرامات القانونية القاصمة للظهر بل سيعودون إلى سجلاته وبياناته منذ النشأة وحتى الفضيحة وليس له الحق في القول بيانات السنوات الماضية أتلفت أو جرفتها السيول كما يعمل تجارنا بل سيتم التقدير الجزافي المجحف لتهرباته السابقة التي لم تكشف أصلا لكن مصداقيته فقدت بمجرد اكتشاف أول جريمة وفي النهاية غالبا ما يتم القضاء على المستقبل الاقتصادي للتاجر الذي يضبط نوع من تهرباته الضريبية بل وحتى المستقبل السياسي إن كان هذا التاجر ناشطا في المجال السياسي وما أكثرهم في اليمن إذ من ذا الذي يمكن أن يعطي صوته الانتخابي لتاجر متهرب¿ ولهذا نهضت بلدان العالم المتقدم لأن ضرائبهم تجبى بشكل سليم وحقيقي وقوانينهم تحمي ضرائبهم بشكل فعال ولا يجرؤ أكبر رأس في أي بلد أوروبي أو أميركي أو آسيوي غير عربي طبعا أن يتهرب من الضرائب أو تدافع عن متهرب آخر مهما عظم شأنه.
وللعلم معظم الدول الأوروبية تزيد نسبة مساهمة الضرائب في موازناتها عن 90% وتقترب من 95% في دولة مثل اليابان ولولا ضخامة الثروات المتعددة في أميركا لزادت نسبة الضرائب فيها عن الـ80% الموجودة حاليا.
حتى في الدول العربية ذات الوعي المرتفع ووجود القوانين الرادعة للمتهربين مثل تونس ولبنان والأردن تزيد نسبة الضرائب عن 80% من موازنة تلك البلدان و70% في سوريا و60% في مصر وفي اليمن نحن خارج نطاق المعقول تماما (أقل من 15%) 85% من هذه النسبة المتدنية يدفعها الموظف العام والمواطن المسكين والتجار عبارة عن مشايخ يجبون باسم الدولة ضريبة المبيعات ويستحوذون على 90% منها ويدفعون للدولة 10% من ما يجبون لاحول ولاقوة إلا بالله وللحديث بقية…

قد يعجبك ايضا