أتذكرون.. كانت لنا أسابيع

محمد صالح الجرادي

لم يتساءل أحد كيف استطعنا أن نتعرف في بضعة أسابيع على نشاط ثقافي ممكن بل مدهش ومبدع في الآن نفسه أخذ يتقاطر ويتوافد إلى صنعاء في عام الثقافة العربية 2004م من المهرة وحتى صعدة.
ولعلنا نتذكر كم كانت دهشتنا ونحن نعيش آماسي وصباحات غير منقوصة من تنوع وثراء إبداعي وثقافي معظمه إلى تلك اللحظات كان مطمورا ومغيبا وغارقا في الإهمال كما أننا نتذكر كيف أخذ مسؤولو الثقافة في المحافظات يتنافسون على تقديم أسابيعهم الثقافية بأفضل وأجمل ما أمكن حتى أن بعضهم في محافظات لازالت ناشئة وقيد التأسيس الإداري كالضالع وعمران وريمة استطاعوا أن ينجزوا أسابيع ثقافية أكثر من أن نقول عنها معقولة أو مقبولة وفي ظروف ربما لم يكن لها الآن تمكنت من استكمال تأثيث مكاتبها في أقل الأحوال.
نعم كانت مناسبة وأتاحت إمكانياتها المادية القيام بكل ذلك وهذا ما ستقولونه بالتأكيد ولا تختلف إنما هل من أحد وأعني هنا قيادة الثقافة ومسؤوليها في المركز الذين تعاقبوا بعد ذلك وحتى اليوم نسأل أين تلك المظاهر والأوجه الثقافية الإبداعية التي كانت تحلق في صنعاء رسامون وتشكيلون في ربيع أعمارهم وفي بدايات أشواقهم الملونة وشعراء مغمورون لكنهم من التمكن حد الإدهاش وسرديون مفاجئون وأغنيات وأناشيد بأصوات قادرة على إجلال الشعور بالجمال والمتعة والسلام ورقص غزير في تنوع إيقاعاته وحركاته.. و.. ومنحوتات بأيد خجولة لكنها مبدعة وفاتنة.
وقبل ذلك كانت بدايات اكتشافنا لفرق موسيقية شعبية ومسرحية أيضا وإن كانت تعبر عن محاولات أو عن تجريب لكنها بالمحاولات التي كان يجب الاعتناء بها وإعطائها شكلا متواصلا من الاهتمام والعناية.
اليوم تقترح الثورة –الصحيفة- حيزا لإجابات عن دور مفترض للفعل الثقافي في الفضاء المحلي “المحافظات” وهو ما جعل من تصديري هذا منسقا ومتجاورا معه في المكان والموضوع ولألفت إلى توقعات بإجابات واقعية في مراراتها ولن يتوقف أحد من مسؤولي الثقافة عند تفاصيل مراراتها طالما كانت في الواقع حصيلة سياساتها وإدارتها وتفكيرها وأرجو أن أكون مخطئا ويتحقق العكس مما ذهبت إليه.
لا أستطيع بالضبط تذكر الزمن الذي دعت فيه وزارة الثقافة مسؤولي مكاتبها في المحافظات إلى لقاء تشاوري لكنني أظنه قبل عام ونصف تقريبا.
استمر اللقاء ليومين أو ثلاثة وبالطبع كانت نتائجه وتوصياته تصب في خانة تفعيل دور الثقافة بالمحافظات فيما تفاصيل اللقاء كانت في صيغتها وشكلها مبعثا للبكاء وللضحك معا.
ولكم أن تسألوا: هل أنجز أكثر من مكتب ثقافة في المحافظات رحلة التعب إلى تأثيث مقره¿
هو أمر مخجل أن تجد بعض مديري مكاتب الثقافة يداومون يوميا على أبواب صندوق التراث والتنمية الثقافية يبحثون عن إنفاذ لتوجيهات مضت عليها سنوات وتقضي بتمكينهم من تأثيث مكاتبهم.
لنكن واضحين يتحمل المعنيون في المحافظات جزءا من المسؤولية لكن ليس معنى ذلك أن المسؤولية الأكثر لا تتحملها قيادة الوزارة.
ففي وسع الخطط والبرامج السنوية التي تتراكم في إدراج الوزارة أن تخلق نشاطا ثقافيا في الأطراف وتضع حدا لسيئة تمركز النشاط الثقافي الإبداعي في العاصمة وحدها فقط وبإمكان صندوق التراث أن يحقق الكثير من النشاط المأمول والحركة المنشودة من مكاتب المحافظات على صعيد الإبداع والثقافة.
جوهر المشكلة في استمرار المركز ومواصلته التعامل مع مشروع الثقافة في المحليات من زاوية اللجنة العليا للاحتفالات بالمناسبات والأعياد الوطنية.. وهو بذلك يكرس ما يشكو منه ويعزز من مفهوم الثقافة كرقصة برع وزامل!!

قد يعجبك ايضا