في حيده الخاص
محمد المساح
يدخل صاحبي حيده الخاص.. ويظل هناك ينحت في جدار الحيد تصوراته وهمومه وهو في ذلك الاستغراق يمتلئ إحساسا يعيده إلى الإنسان الأول.. وفطرته الأولى.. هو بعيد الآن في حيده الخاص.. بعيد عن الضجيج.. ومشاقفات الأوعية يعيش في جوساكت وصامت وفي هذا الجو المتأمل.. على ما بدأ له من بداية اعتزاله.. سيعوضه عن زمن سال من بين أصابعه مجانا.. هكذا أحس صاحبي في البدء وبدأت تتشكل لديه راحة نفسيه بسطت بينه وبين نفسه توافق ورضى.. مرت الأيام الأولى وهو يجاهد النفس التي أعتادت على التصعلك والضياع والتشرد والمزاجية في دروب العمر التي انطوت ولم تخلف لديه سوى انطباعات مشوشة لم يقدر حينها على ضبطها.. ولا فهمها هو الآن.. وقد اختار “حيده” الخاص وقد نوى في دخيلة نفسه قادر على استرجاع بعض ما يقدر على تذكره حتى يستطيع تحديدا التقاط نقاط الخطأ والصواب وعلى ضوء هذه الجردة من التقييم والحساب يحدد هل هو مصيب وقد انعزل في حيده الخاص¿ أم أن القرار هوائيا ومزاجيا فرضته لحظة رد فعل¿ ويعود إلى سيرته الأولى أو لأن النفس أمارة على فعل الشيطنة وعمل الزنقله والطبع يغلب التطبع.
وفي تلك المناقشات والحوارات والمداخلات اللائي كان يقيمها مع نفسه عبر الحوار الداخلي الهامش أو عبر الحوار الخارجي والذي كان “الحيد” يردد أصداءه فيجعله يحتار في الأمر.. أهو وحده في “الحيد”والصدى يتردد في أذنيه.. أم هناك شخص آخر غير مرئي يشاطره “الحيد” أم أن التوهم غلبه وما بين التوهم والانعزال قرر الخروج من الحيد إلى الخارج.. وعلى الحافة تدندل لا في الداخل ولا في الخارج.