الكفاءة السياسية العربية.. بين الثرثرة والاستبداد!!

خالد القارني


 - 



في الحلقتين السابقتين خلصنا إلى أن الاستعمار قد زاد فوق انحطاطنا الذاتي  انحطاطا استعماريا تجسدان في  "خلفاء الاستعمار" الذين فرضوا ثقافة المقاومة والممانعة ل
خالد القارني –

في الحلقتين السابقتين خلصنا إلى أن الاستعمار قد زاد فوق انحطاطنا الذاتي انحطاطا استعماريا تجسدان في “خلفاء الاستعمار” الذين فرضوا ثقافة المقاومة والممانعة لوجود الإرادة الجماعية التي يستمد منها الحكم ومقاومة مفهوم المؤسساتي في الإدارة وانتهجوا صناعة الإذعان بين أوساط الجماهير بمنطق الصيد و التحيل أو بواقع سياسات القوة وجعل الانسان تابعا لسلطان الدولة, ولا يقوم إلا بما يحوله إلى أداة بيدها تستعمله من أجل توطيد سلطانها.
هذا الارتباط بالمستعمر وطد التبعية وجعل الابتزاز المعيشي حائلا دون أي إمكانية لحرية المواطن وكرامته. وخلف جيل جديد من غير الكفاءات ,لا تتفاعل بشكل إيجابي مع مكونات المجتمع الذي تعيش فيه.
أن الناشط السياسي وأستاذ اللغويات في كتابه (السيطرة على الإعلام ) نعوم تشومسكي وصف السلطة” بانها مالم تكن مبررة فهي غير شرعية بطبيعتها وعبء اثباتها يقع على كاهل من هم في السلطة. وإن لم تستطع السلطة تحقيق هذا العبء فيجب تفتيتها. أما السلطة لذاتها فهي غير مبررة أصلا. وقدم تشومسكي مثال على السلطة الشرعية مثل تلك التي تمارس من قبل شخص بالغ لتمنع طفل من قطع الشارع”.
و بناء على كلام تشومسكي كان لا بد لهذه الأنظمة التأمرية من أن يكون لها جدار دعائيا قويا لتلميع أسيادهم من “خلفاء الاستعمار” يحولون واقعنا السياسي والاقتصادي والثقافي إلى مجرد شطيح ورديح لا ينتج الإبداع والتميز وأقصى ما تنجزه قريحتهم الابداعية هو التعبير عن أوضاع نفوس مريضة لا تفرق بين التعبير المبدع للمستقبل ومجرد الاستبطان السطحي لبعض الموتورين في رؤاهم .
ومن ضرورة الأنظمة لمن يسوق لها سياستها ومن حاجة المعارضة للمتاجرة بمواقفها نشأت مسألة الثرثرة في أعقاب تزايد التوترات الناجمة عن أزمتنا الوطنية الداخلية الكارثية ومصيبتنا بالانقسام الذي تدعمه أيدولوجيات وفقه الثرثرة وبعد مرور ستون عاما على واقعنا المرير مع هذه الأنظمة لم يسمع العربي لهؤلاء الثرثارون أي خطاب سياسي أو فعل سياسي واقتصادي يكون انعكاسا لمشكلاتهم بل يعتبرون أن سلوك القياديين لا يمثل آمالهم”.
مثل هؤلاء الثرثارون ليسوا بحاجة الى من يعرف بهم بل هم عرفوا أنفسهم بأنهم أعداء لقضايانا الوطنية ويقفون في الصفوف الأمامية في ثورات الثرثرة او ثرثرة الممانعة والمقاومة. ان التعريف العام المتداول للثرثرة هي كثرة الكلام دون معنى فهي ضجيج من الألفاظ دون حمولة فكرية أو معرفية. وهي مرض يتضخم عند صاحبه فيعاني من فرط الثرثرة وهو مرض خطير لكن خطورته تشتد عندما يكون المصاب به فاعلا قياديا في الساحة السياسية. إذ نصبح أمام مصاب بفرط الثرثرة السياسية.
ومن المصائب العظيمة أن أصبحت لدينا الثرثرة قياس للكفاءة السياسية ينبري لها من كل حدب وصوب بعض من أولئك الإعلاميون والسياسيون والمثقفون وأدعياء الفكر والثقافة ليثرثروا. وهذه نتيجة حتمية لأي بلد فقير في الديمقراطية لان الغرب يقيس الكفاءة السياسية على التصويت والإقبال في الانتخابات ويقيسها على اختبارات الإنجاز.
وغدت السياسة لبعضهم محض ثرثرة لا تنقطع.. كلام مرسل لا شأن له بسياق الواقع.. كلمات تؤذي أكثر مما تنفع.. تجهل أكثر مما تنير.. تحطم أكثر مما تؤسس. ويثرثرون بناء على ما يسمعونه ويشاهدونه من الإعلام المرئي دون ذرة تفكير وليس نتيجة لفحص وتمحيص ما يدور على الساحة ومحاولة التحليل بعيدا عن حب أو كره تيار بعينه لكن الغالب هو أن كل فريق يحفظ ما يسمعه ويردد كالببغاء ومن هنا تبدأ المعضلات الجسام التي دائما ما تقف للحيلولة دون الوصول إلى حلول. أن الشتائم والقذف والثرثرة الفارغة لا تعبر باي حال من الاحوال عن موقف سياسي سليم او نمط وأسلوب من أساليب معارضة النظام.
وفوق ذلك نقوم بعملية خلط بين الكفاءة والخداع والمكر الكفاءة ذات الصلة بالهدف والمعيار في تقييم النموذج هو اختبار ‘الخيرة ” وترتبط ارتباطا وثيقا المعرفة السياسية مع المصالح السياسية الفردية ومن المفترض أن العلاقة بين الكفاءة الذاتية والسياسية تكون ثابتة عبر الزمن.
إن الثرثرة في عصر الاستنساخ الالكترونية المرتكزة على تردي الواقع العربي ضاعفت من بداوة الفكر في الحكم والمعارضة وخلقت مشكلة انعدام الرفاهية بين الكثير من الأسرة بسبب الظروف الاقتصادية الضاغطة أثرت سلبا على حياة الناس عامة الذين يشعرون بالغربة تجاه النظام السياسي. ان العرب مطالبون اليوم أن يثبتوا مواطنتهم الكاملة بقوة الانتماء والكفاءة كونهما احد المكونات الجوهرية لأي

قد يعجبك ايضا