قاسم بجاش …سنه أولى حضور
عبد الرحمن بجاش
هاهو العام يغادر , وأنت غادرتنا مساء هذا اليوم من العام الذي ذهب 2013, كنت أنا ذلك الصباح في الحديدة مدينة السلام , أمس قبل الغروب من العام الذي ذهب حرصت أن أكون عند البحر , لا ادري لم ارتبطت دائما بالنهايات , ظللت أراقب بعيني وعدستي والشمس تغطس رويدا في افق البحر وقلبي يغطس معها , وأي نهايات تلك التي تكون في أفق البحر , غسلت أدراني في البحر وجددت روحي وعند الظهيرة من هذا اليوم من عام ذهب عدت أدراجي نحو الجبال , وفي القمة قمة بني مطر ركنت راحلتي جانبا وانتحيت أراقب غروب الشمس , كانت هناك مقرفصة على كتف مناخه وروحي مقرفصة على النهاية التي رايتها بهدوء الشمس وعمقها المعتادين تتدحرج على قفى الجبل وتتسحلل على جسد مناخه من الاتجاه الآخر وتسابق الراحلين نحو تهامة وهي ترجو أن تلحق البحر فلحقته وصعدت أنا باتجاه آخر القمم . وعند أن طرحت تعبي على مخدة فراشي جاءني نباؤك , فتوهج وجهك أمامي سنين طويلة من تعب ,وجهد ,وعذاب وكرامة, وشرف , من الكدره, إلى المصلى, إلى المفاليس ,إلى لحج ,وعدن ,الى تعز , قال الزعيمي صاحبك الذي علمك كيف تقود أول سيارة وأنت تقود شبابك الغض ( أنا علمته ) , تخيل أن الذي علمك أول فنون الحياة لايزال يجاهد الحياة بشرف علي الزعيمي رفيق الحياة من المصلى إلى الذاكرة الحية لا يزال يدهشني بها . يا قاسم بجاش لقد افتقدناك رجلا في زمن يأفل الرجال فيه فلا ترى سوى غبار يعمي العيون !! أين الرجال يسوسون هذا البلد الذي كنت جزءا منه فاعلا كانسان ودور لا نمن به بالمطلق , ولم تتحدث عن نفسك أبدا ولا نريد أن نقول سوى انك كنت إنسانا شهما, رجلا, كريما مقداما, شجاعا, متواضعا, ظللت بسيارتك العتيقة طوال العمر, ووهج عمر كريم تحدث ولا يزال بدموعه عنه صاحبك الذي لا يزال يبكيك أكثر منا محمد عبد الدائم السادة من خسر الدنيا كلها برحيلك, ووضعناك نحن في مآقي عيوننا عنوان لكل ما هو شرف ,وعزة ,وسمو, وتواضع , يا أبي كم أنا احتاج إلى حضورك وان ظللت الحاضر في عقلي تهديني أتلمس خطاك ويكفيني مساحة الناس الذين احبهم ويرون في وجهي وفاء القرية وكرمها تعلمناهما منك , هل تتذكر يا صاحبي وأنت تضربني على أصابع يدي اليمنى من اجل (تحسين الخط ) أنا أتذكر كلما لمست أصابعي القلم , ولاتزال أذني تدويان وأنت تصيح ( اريدك تناقش مثل عبد القادر سعيد ) ولم أكن يومها ادري من هو عبد القادر !! , ولا تزال التربية الدينية وكتاب المطالعة أمام عيني وأنا انقلهما إلى الدفتر (لا بد ان يكون خطك أحسن من خطي) , ولا يزال آثار الصياح يدوي في مسامعي ( اشتيك تكون مثل فيصل وفؤاد سعيد فارع ) , ولا يزال العم إبراهيم ضابط المرور الاثير في شارع سبتمبر بتعز وهو يقول لك وأنا معك على البابور (البرنز ) (يا عم قاسم اكتب الرقم فوق السيارة ) – كانت الأرقام أيامها في الستينيات تكتب باليد – قلت له ولا تزال العبارة في ذهني والشاهد ارحم الراحمين ( أعملوا نظاما وسأعمله هنا) واشرت الى جبهتك , ولا يزال الشيباني حاضرا في الصفعات التي تلقيتها منك حين اخبرك انه اعطاني ربع ريال وكنت أنت يومها معتقل في الرادع مع شيخك الكبير امين عبد الواسع نعمان – هكذا كنت تحترمه – , درس الشيباني علمني دروسا أهمها ألا أمد يدي لأي كان صغر أو كبر , ولا أمد يدي لمال لا يخصني وكيف أكون نزيها نظيف اليد واشهد الله يا صاحبي أن بطني انظف من زرقة السماء بدون من, ولا تكبر, ولا ادعاء, وأمشي على الأرض هونا.. …….,افتقدك يا أبي , نفتقدك جميعا … …نم يا صديقي بهدوء.. عليك سلام الله ..