من أمه في الدار قرصه حار!

يكتبها: علي أحمد بارجاء

 - في مبادرات طوعية فريدة من نوعها, وفي إطار مشاركة المجهود الشعبي في نظافة المدينة والحفاظ على تنسيقها وجمالها, تجمع شباب الحارات في مدينة سيئون, وفي مدن أخرى من وادي حضرموت وقاموا بحملات تنظيف لأحيائهم وحاراتهم, وإعادة طلاء جوانب الأرصفة, إن مثل هذه الجهود تؤكد أن شبابنا قادر بالفعل على إفراغ
في مبادرات طوعية فريدة من نوعها, وفي إطار مشاركة المجهود الشعبي في نظافة المدينة والحفاظ على تنسيقها وجمالها, تجمع شباب الحارات في مدينة سيئون, وفي مدن أخرى من وادي حضرموت وقاموا بحملات تنظيف لأحيائهم وحاراتهم, وإعادة طلاء جوانب الأرصفة, إن مثل هذه الجهود تؤكد أن شبابنا قادر بالفعل على إفراغ طاقاته في نشاط مفيد يعود بالنفع على مجتمعه, من أجل العيش في بيئة نظيفة تعكس نظافة نفوسهم وقلوبهم, وتقدم صورة صادقة لجمال أرواحهم, وإقبالهم بمحبة على الحياة, ولم يقم هؤلاء الشباب بهذه الحملة إلا انطلاقا من إحساسهم بالمسؤولية, ولإثبات أنهم عنصر مفيد وفاعل في المجتمع, وتستطيع الدولة الاستفادة منهم في خدمة الوطن, وتوجيههم التوجيه الأمثل نحو العمل والإنتاج, لإبعادهم عن الانحراف, والسقوط في أيدي التطرف والغلو الذي يحولهم إلى أدوات للتخريب, أو يدفع بهم للسير في طرق الجريمة التي نراها اليوم تنتشر بكثرة.
إن مثل هذه المبادرات الطوعية هي صرخة عملية صامتة في وجه الجهات الرسمية التي يعد من صميم عملها القيام بتنظيف المدن وتجميلها وصيانة شوارعها, مقابل ما يدفعه المواطن من رسوم نظافة مع الفواتير التي يدفعها شهريا مقابل استهلاكه للكهرباء والمياه, ولكن هذه الجهات تخلت عن واجباتها وتركت شوارعنا تغرق بالأوساخ والأتربة, وصارت القمامات تتكدس فيها, وتؤثر سلبا على البيئة, وتتسبب في انتشار الأمراض, كما تخلت عن صيانة الشوارع التي كثرت فيها الحفر, ولم تقم بردمها, وصارت تشكöل خطرا على حركة السير, وبسببها تتكرر حوادث الاصطدامات الناتجة عن هروب بعض المركبات المسرعة من هذه الحفر لترتطم فجأة ومن غير انتباه بالسائرين أو بمركبات أخرى, وللأسف أن المسؤولين عن النظافة والصيانة لهذه الشوارع يشاهدون يوميا الحال السيئة التي تعاني منها الشوارع, ولكنهم يغضون الطرف, ويتمادون في تكريس هذه المعاناة بإهمالهم, وعدم مبادرتهم بتقديم الحلول, وليس ذلك الإهمال سببه عدم وجود الإمكانيات, إذ تدخل إلى حساب تلك الجهات المبالغ الطائلة, ولكنها لا تحسن إدارتها وتوجيهها في ما يخدم العمل, بل تذهب هذه الأموال في غير طريقها كمساعدات مالية بتوجيهات من السلطات المحلية, أو رواتب لأفراد لا صلة لهم إدارية أو مالية بها, بينما يظل عمال النظافة والصيانة الميدانيين يشتكون من عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية, مع قلة هذه المستحقات التي لم تعد تفي بمتطلبات إعاشتهم مع أسرهم, ليعيشوا حياة كريمة.
أقول هذا, وأحب هنا أن أتقدم بالشكر لشبابنا العظيم على كل الجهود التي يقومون بها في سبيل إنجاح حملات التنظيف والصيانة, ولا بد من الإشارة إلى أن الدولة متمثلة في مؤسساتها التي لها صلة بتقديم الخدمات للمواطن إذا تخلت عن دورها فإن المواطن يستطيع أن يقوم بهذا الدور, وهذا حرص عظيم من المواطن نفسه في أن تمارس الدولة دورها, وإلا قام هو بهذا الدور, فحين غاب الأمن عن أداء دوره هب شبابنا لحماية أحيائهم وحاراتهم وحراستها حتى في أقسى ليالي الشتاء, وهب حلف حضرموت لحماية حضرموت ممن يعبث بأمنها واستقرارها وينهب خيراتها, وحين غابت وزارة الثقافة عن تنظيم الفعاليات الثقافية نظم الشباب أنفسهم وأقاموا الاحتفالات والفعاليات الثقافية بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني أو المؤسسات العلمية المحلية, كدار المصطفي بتريم, ومؤسسة حي في قلوبنا, وغيرهما الكثير.
لا عذر للحكومة غير الموقرة ــ التي لم تعرف بعد معنى الوفاق ــ أن تتخلى عن دورها, فالحكومات وإن كانت مؤقتة ينبغي أن لا يقل نشاطها عن الحكومات الثابتة, إلا إذا كانت الحكومة المؤقتة لا تحصل على ميزانيات كافية لممارسة نشاطها, أما وهي تحصل على ميزانيات سنوية ربما أكثر من الحكومات السابقة فلا معنى لجمودها سوى أن هذه الميزانيات تذهب نهبا إلى الجيوب, ولا تعطي فروعها من هذه الميزانيات ما يمكنها من ممارسة عملها على أكمل وجه. فما معنى أن تكون النظافة والصيانة والتنظيم للشوارع في صنعاء مستمرة, وغائبة في المحافظات الأخرى! فهل لا يوجد في المحافظات الأخرى شعب من حقه أن يعيش¿ أم أن الأمر ينطبق عليه المثل القائل: (من أمه في الدارقرصه حار!).

قد يعجبك ايضا