الفيدرالية وغواية الترويج ¿!!

جمال الظاهري


 -  انتهى المتحاورون وانفض المشهد الأول بنتائج توافقية رأى المؤتمرون انها تحل المعضلة وترسي لعهد جديد خال من كل أزمات واعباء السلطة التي ظلت أساس ومنبع كل مشاكل
انتهى المتحاورون وانفض المشهد الأول بنتائج توافقية رأى المؤتمرون انها تحل المعضلة وترسي لعهد جديد خال من كل أزمات واعباء السلطة التي ظلت أساس ومنبع كل مشاكل المجتمع وعلى رأس هذه النتائج الاتفاق على نوع النظام الذي نحتاجه لبلدنا من أجل مستقبل أكثر أمانا وديمومة خاليا من الصراعات.
صحيح أن هذه النتيجة جيدة ولكن من الواقعة أن ندرك أنها معلقة بأماني وعشم المساندة الدولية وخاصة في كلفتها المالية لذا رأيت أن أعرض في هذا المقال على ما يميز هذا النظام الجديد وما يعيبه:
عرف النظام الاتحادي «الفيدرالي» قديما منذ الحضارة اليونانية وعرفته أوروبا في العصور الوسطى وأهم ما يميزه أنه يقوم على مبادئ أساسية أهمها:
أولا: سيادة الدساتير الفيدرالية وما ينتج عنها من قوانين على دساتير وقوانين الولايات أو الاقاليم.
ثانيا: إقراره بالاستقلالية الذاتية للأقاليم وبما لا يخالف دستور الدولة الفيدرالية «المركز» وذلك فيما يخص الأمور السياسية والدستورية «التشريعية» والقضائية واستقلالية مؤسسات الاقليم في تنظيم علاقاتها الثنائية في إطار الاقاليم الفيدرالية كوحدات تمثل دولا داخل الدولة المركزية.
ثالثا: تعطى الاقاليم الصغيرة أو ذات التعداد السكاني القليل فرصة المشاركة الفاعلة في السلطة الاتحادية بمعنى مشاركتها في وضع الدستور الاتحادي, وأيضا في صياغة القوانين الاتحادية وإمكانية اعتراض على أي قانون ترى فيه الاقاليم أو الولايات مساسا بمصالحها الحيوية.
رابعا: تشارك (المركز) الدولة الاتحادية بإداراتها التنفيذية عبر ممثليها في المؤسسات الاتحادية الموجود في كل الاقاليم, ما يعني أن سكان الاقليم ممثلون في السلطتين السلطة الفيدرالية والسلطة المحلية دون حدوث ازدواج في المهام أو تضارب لأن سلطات السلطة الفيدرالية مقدمة على المحليات كمؤسسات حكم وكأشخاص يمثلونها, بما يعني أن الحكومة الفيدرالية وتشريعاتها فوق الحكومات المحلية وسلطاتها وتشريعاتها وقوانينها وفي نفس الوقت تساهم الحكومات المحلية في ممارسة السلطة الفيدرالية بشكل تكاملي يضمن عدم طغيان أو إهمال حاجة الحكومات المحلية تجاه الأقاليم التي تمثلها.
هذه الأربعة المبادئ تعتبر أهم ما يميز الحكم الاتحادي الفيدرالي ويظهر لنا هنا أن هذه التركيبة تبدو مثالية لمعالجة مظالم المركز أو النظم البسيطة التي عجزت عن الايفاء بمبادئ العدالة التشاركية بين جميع مكونات المجتمع الخاضع لسلطة الدولة الاندماجية البسيطة.
مما سبق يتضح أن هناك ثلاث حالات تحكم العلاقة بين المركز والمحليات اختصاصات للمركز واختصاص للمحليات واختصاصات مشتركة بينهما.
أهم ما عرف في التجارب الفيدرالية عن اختصاصات المركز تمثل في السلطات التالية: الشؤون السياسية وعلاقة الدولة بالدول الأخرى- الشؤون المالية للدولة- الشأن العسكري «الجيش».
الأمور التشاركية أهم ما هو جلي فيها متمثل في الجوانب الأمنية- والتعليمية والصحية والاقتصادية, فيما اختصاصات الولايات أو الاقاليم فتتمثل في كل ما لم تشمله اختصاصات المركز التي تضمنها الدستور الاتحادي.
نشأت الحاجة لمثل هذا النظام من أجل ضمان مشاركة الجميع في الحكم بصورة توافقية تحد من هيمنة جزء جغرافي من الدولة أو طرف أو مكون على غيره أو على الباقين هذا في الشأن السياسي والإداري أما في الجانب الاقتصادي ورغم أنه يشجع على التنافس بين الأقاليم في تقديم خدمة أفضل إلا أن الحقيقة أنه يغذي التفاوت المعيشي في المجتمع ويغذي الخصوصيات المحلية في ما يؤدي إلى ظهور النزعات الانفصالية.
وأهم ما يعيب هذه النوعية من الأنظمة هو كلفتها في تسيير الجانب الإداري, وأهم ما يميزها أنها آمنة في جانبها السياسي والقانوني بمعنى أنها تضع حدا للانقلابات العسكرية ولطغيان الكيانات الحزبية أو الأقاليم الكبيرة على الأخرى.
ومما يساعد على نجاح الانظمة الفيدرالية ويعزز ديمومتها اتساع مساحتها الجغرافية وتنوعها الثقافي ووجود أقليات واثنيات دينية وغيرها من أشكال التنوع.
وبالعودة إلى واقعنا اليمني ومساعينا لوجود حل لأزماتنا وما خلص إليه مؤتمر الحوار من نتائج أقول: نعم إن ما خرجت به وثيقة الحوار في واقعه النظري والتشريعي كمحددات لشكل النظام الذي توافق عليه المؤتمرون – سواء عن قناعة أو على أساس أنه أفضل ما أمكن التوافق عليه – أمر لا بأس به, ولكن أن تأخذ وثيقة المخرجات هذا الزخم الإعلامي وهذا الضجيج وكأنها وثيقة لخروج محتل من أرض الوطن وتسوق على أنها إنجاز (لا قبله ولا بعده) فإنها مغالطة وتدليس لم يسبقنا أحد إليه .. بل أنه هبل لم نستطع أن نجد له

قد يعجبك ايضا