يانصöيب !

علي بارجاء


 - حين تتعقد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في دولة ما, وتغرق في مشكلات تهدد أمنها واستقرارها, وتختلف الآراء ووجهات النظر بين الأحزاب والمكونات السيا

حين تتعقد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في دولة ما, وتغرق في مشكلات تهدد أمنها واستقرارها, وتختلف الآراء ووجهات النظر بين الأحزاب والمكونات السياسية والاجتماعية ــ وهم فرقاء في الاتجاهات والأيديولوجيات والمصالح ــ في الإجراءات التي يمكن اتخاذها للوصول إلى الحلول الناجعة لهذه المشكلات يصبح من الضروري أمام الجميع التنازل والتضحية, وإيثار مصلحة الوطن العليا, التي لا تتعارض مع خيارات الأغلبية أو حتى الأقلية من المواطنين, ولا تفرض عليهم فرضا, بل تراعي طموحاتهم ومطالبهم, وبخاصة أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة, وهم الأكثر دراية بمصالحهم الحقيقية في الحياة.
ومن التضحية إما خضوع تلك الأحزاب لمطالب المواطنين, وتنفيذها بلا قيد أو شرط, أو التوافق لتلبية أهم وأبرز تلك المطالب, وتنفيذها على أرض الواقع حقيقة ملموسة, لا شعارات مكتوبة بمداد المماطلة والتسويف, والتصريح بالوعود الخلابة التي لم تعد تنطلي عليهم في عصر التغيير الذي كثر فيه الحديث عن حقوق الإنسان, والعيش الكريم, والمساواة والعدالة.
أما إذا ظلت قيادات الأحزاب السياسية وغيرهم من رجال الدولة الأقوياء بالسلاح أو بالقبيلة متمسكين بآرائهم ومواقفهم التي لا تخدم سوى مصالحهم الضيقة, لتمنع من الوصول إلى اتفاق صريح وواضح, فهذا يعني بقاء المشكلة واستمرارها, بل استفحالها وتعقدها بشكل أكبر يؤدي بالضرورة إلى انفجارö صراع قد يصل إلى المواجهات المسلحة, وبخاصة في حال كحال اليمن الذي تنتشر فيه الأسلحة أكثر من انتشار أجهزة الحاسب الآلي.
وبعد ثورة فبراير التي طالبت بالتغيير, واستطاع اليمنيون تجاوز نتائجها الكارثية, بعد تنازل الرئيس السابق على عبدالله صالح عن كرسي الرئاسة لنائبه الرئيس عبدربه منصور هادي, توافق حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم والأحزاب المتحالفة معه مع أحزاب المعارضة للوصول إلى التوافق بالموافقة على المبادرة الخليجية التي كانت طوق نجاة ومنقöذا من صراع لا يعرف مداه ونتائجه إلا الله, والدخول في حوار وطني شامل اتفق الجميع على أعضائه, وتعهدوا بالموافقة على مخرجاته أيا كانت تلك المخرجات, فلا معنى لأي اعتراضات من طرف من أطراف الأزمة اليمنية, ناهيك عن بعض الأصوات الناشزة ذات البعد الديني, التي تستخدمها بعض الأحزاب, وتطلقها لتعرقل بعض المخرجات فتتهم ما لا يروقها من مخرجات اتهامات غير صحيحة قد تصل إلى حد التحريم, إمعانا في الكسب السياسي, في الوقت الذي لا ينبغي الخلط فيه بين الرأي السياسي, والرأي الديني الذي يتخذ شكل الفتوى, الموجبة لإيقاف التنفيذ, أو الانصياع لها, وإلا عد ذلك كفرا وخروجا عن الدين.
ومن القضايا التي أصبحت تشغل الرأي العام في اليمن, ولا بد من حسمها نهائيا بما يتناسب وخيارات وطموحات الشعب الذي يعيش على خريطة اليمن, قضية استمرار الوحدة اليمنية, أو العودة بالوضع السياسي إلى ما قبل الثاني والعشرين من مايو عام ألف وتسعمائة وتسعين, أو تحول بعض المحافظات إلى دول مستقلة, أو تقسيم اليمن إلى إقليمين أو ستة أقاليم. وهنا تظهر التباينات بين الساسة, بل بين المواطنين أنفسهم, مما يدل على أن مسألة الوصول إلى التوافق حول حل واحد يرضي الجميع أمر يستحيل حدوثه.
فإن قال أحدهم إنه مع بقاء الوحدة وصöف من طرف من أطراف الصراع بأنه عميل وخائن وتابع للنظام في شمال اليمن. وإن قال بأنه مع فك الارتباط وصف من طرف آخر بإنه انفصالي, ويعمل لأجندة خارجية. وإن قال ثالث بأنه مع استقلال حضرموت, وصف بأنه من دعاة المشاريع الصغيرة, وأنه مناطقي وعنصري, أو يريد شق الصفö الجنوبي, وتمييع القضية الجنوبية. وإن قال رابع وخامس وسادس إنه مع الأقاليم الستة, أو مع إقليمين فقط, أو حتى مع الإقليم الشرقي, سيسمع كل منهم أسوأ ما يقال له وعنه.
هذه ستة خيارات, ومن الطبيعي أن لا يتفق الجميع على خيار واحد منها نظرا لاختلاف الأهداف والمصالح, لأنه حتى الاستفتاء على تلك الخيارات الستة لن يسفر إلا عن تأكيد حقيقة ذلك الاختلاف. فهل الحل هو الاحتراب الذي يفنöي الجميع¿! أم أن الحل في اللجوء إلى القرعة, أو إلى لعبة (اليانصöيب), لتكون حكما يحسم التباين بين المختلفين, فتؤخذ حبة (زهúر) ويكتب على كل وجه منها خيار من الخيارات الستة, ونرى أي خيار سيظهر عند ضربها. ليكون هو الخيار الملزöم للجميع. وكفى الله المختلفين شر القتال الذي يبدو أنه الخيار الأخير إذا استمررنا نتبöع أهواءنا, بعيدا عن تلبية طموحات

قد يعجبك ايضا