سلطان أحمد عمر.. فلسفة النضال والكفاح من أجل الحرية والبقاء
عبدالرحمن سيف اسماعيل


ولد سلطان في معمعة الفكر الوطني وكان وعيه حاضرا في الفكر النضالي التحرري الذي حمله والده الفنان أحمد عمر مقبل والحركة الوطنية التي قدمت أرواحها فداء لتحرير الوطن اليمني من قبضة الاستعمار البريطاني والفكر الاثوقراطي الكهنوتي الجامد وفي هذا المناخ تطور وعيه النضالي وكان التحول الابرز عام 1957م عندما شكل ورفيقه فيصل عبداللطيف فرع حركة القوميين العرب في اليمن تطور معها فكره من الفكر القومي التحرري المحدود إلى الفكر الماركسي اليساري التقدمي غير المحصور بين الحدود المغلقة.
وعلى الرغم من كونه لم يكن أول من حمل الفكر الماركسي ومنهجه الجدلي إلا أنه أول من حول هذا الفكر من نصوص جامدة إلى واقع حقيقي متحرك وربما أنه كان الأول في المنطقة العربية تعاطيا مع مضامينه الدياكليتيكية حيث قام بدراسة التاريخ اليمني قديمه وحديثه وفقا لمبادئ وقواعد المنهج الجدلي والتشكيلات الاجتماعية والاقتصادية الخمس في الفكر الماركسي اللينيني كما اسلفت في كتابه المتميز «نظرة في تطور المجتمع اليمني».
قال عنه الدكتور محمد قاسم الثور تمثل سلطان المتغيرات ومواكبة التطور نحو الافضل فكرا ونضالا بعقلية متفتحة كان ديمقراطيا حقيقيا بالرغم من مظهره الحاسم ومكانته الحزبية الرفيعة وربما كان المؤتمر الأخير للحزب الديمقراطي الثوري اليمني الذي انعقد في 5 مارس 1979م في الوقت كان رحمه الله سكرتيره الأول اسطع دليل على ذلك فالبرغم من معرفة شدة اختلاف اغلبية اللجنة التحضيرية والمندوبين مع وجهة نظره لم يستعلö على النتائج بالرغم من توفر كل الامكانيات لديه وفي وقت عصيب كهذا يمتحن الزعماء في صدق استعدادهم للامتثال للديمقراطية ومن عظماء كهذا يمكن تعلم الديمقراطية.
هذه حقيقة ساطعة ادركها الدكتور من خلال شراكته التنظيمية معه فالرجل رحمه الله كان قويا وذا سطوة ومكانه داخليا وخارجيا إلا أنه تعامل مع الأمر بموضوعية وديمقراطية ليس من منظور الند للند أو منظور الكبرياء وإنما من منطلق الثقفافة الرفاقية ثقافة الحب والتسامح وعندما سألته الصحافة عن شعوره بهذا التطور الذي جرده من جميع مسؤولياته القيادية قال وبثقة الرجل القوي هذه ظاهرة صحية في الحزب على عكس تعبيرات بعض خصومه الذين اعتبروا أن سلطة القوة وسلطة منطقة ما ذهبت إلى غير رجعة وقال عنه رفيق كفاحه الاستاذ يحيى عبدالرحمن الارياني لقد كان سلطان أحمد عمر من جيل المعاناة الذي وقع على عاتقه تحمل المسؤولية التاريخية وقد برز الفقيد واحدا من ابرز قادة هذا الجيل الذي استجاب لدعوة التاريخ وأخذ على عاتقه مع زملائه الآخرين العمل من أجل تغيير الواقع اليمني ولم يكن يتأهل للقيادة سواء في القاهرة وبيروت أثناء الدراسة أو بعد عودته إلى أرض الوطن لو لم يتميز بتلك المميزات القيادية ودماثة الاخلاق والتواضع في الرؤية ووضح الهدف وسعة الاطلاع والقدرة على الإقناع والتوجيه واحترام حوله لشخصه والتضحية بالذات من أجل القضية العامة واشهد أن الفقيد كان يتمتع بهذه الصفات وغيرها مما دفع به إلى تحمل تلك المسؤوليات الجسام التنظيمية والقيادية في الخارج وفي داخل الوطن بكل نجاح محاطا بتقدير واحترام من عملوا معه.
كان محترما ويحترم الآخرين ولا يترفع عنهم وقد حدثنا ذات مرة الأستاذ يحيى الشامي بأن سلطان قدم ذات يوم جار الله عمر قائلا: هذا هو التلميذ الذي أصح متفوقا على أستاذه وهذا الموقف يكشف حقيقة هذا الرجل الاستثناء الذي كان يؤثر الآخرين على نفسه.
ولأنه من ذوي العزم فإن أي شيء لم يستطع أن يثنيه عن العمل من أجل انتصار القضية التي كرس حياته من أجلها.
فمنذ أن كان طالبا في العقد الثاني من عمره اشتق وزملاؤه طريقا جديدا للعمل السياسي في اليمن يعتمد الأسلوب الحديث في التنظيم والمزج بين عموم الوطن والأمة في الفكر وهكذا افلح مع ثلة صغيرة في نقل أفكار وأهداف حركة القوميين العرب إلى الأرض اليمنية.
عاش سلطان ظروفا مادية صعبة على الرغم مما يمتلكه من رصيد نضالي كبير كان يؤهله لأن يكون من رجال المال الكبار حيث كان يتبادر إلى ذهن البعض أن لهذا الرجل رصيدا ماليا كبيرا ربما يفوق رصيده النضالي ويفوق شهرته.. بينما هؤلاء لم يدركوا أن منزله المتواضع في حي كريتر ستائره باليه وممزقة وجدرانه أكلت السنوات من عليه الطلاء وتستند كنباته وأسرته على صفائح السمن والحليب الفارغة المملوءة بالتراب وقد طلب مني أكثر من مرة أن أتيه من والدته في تعز بمال يستطيع به طلاء منزله وتغيير ستائره وإصلاح الأماكن المتهالكة فيه.
وبعد الوحدة وهو يستعد للسفر إلى الجنوب جاءني على استحياء يطلب مني أن أستلف له ثلا
