تطوير التعليم الفني (الحلقة الأولى)

د . أحمد القطامي

 - يشهد التعليم الفني في بلاد العالم نموا مطردا ولا تتوقف الحكومات في المضي بخطوات متسارعة نحو إحلال هذا النوع من التعليم محل الأنواع التقليدية ويقاس مدى ت

يشهد التعليم الفني في بلاد العالم نموا مطردا ولا تتوقف الحكومات في المضي بخطوات متسارعة نحو إحلال هذا النوع من التعليم محل الأنواع التقليدية ويقاس مدى تقدم الدول في مجال التعليم بارتفاع نسبة الخريجين من المؤسسات التعليمية التقنية قياسا بمخرجات التعليم العام أو التقليدي. كما يقاس التقدم في مجال التنمية في بلدان العالم بارتفاع نسبة العمالة الماهرة المدربة.
وفي بلادنا نجد توجهات إيجابية نحو التعليم التقني ونسمع الكثير من المسؤولين يؤكدون باستمرار على أهمية انتقال البلد إلى مربع التعليم التطبيقي كما نجد في المقابل تذمرا لدى كثير من الجهات والهيئات الحكومية والأهلية من كثرة مخرجات التعليم التقليدي النظري الذي يمثل عبئا على الدولة والمجتمع ولا يساعد على الانتقال إلى الإنتاج والتنمية المستدامة.
وفي سبيل تطوير التعليم بذلت جهود لا يستهان بها كان في مقدمتها إنشاء وزارة مستقلة تعنى بهذه العملية فقد صدر القرار الجمهوري رقم (46) لسنة 2001م قضى بإنشاء وزارة التعليم الفني والتدريب المهني كما أنشئ المجلس الأعلى لكليات المجتمع والذي يعنى بتنظيم كليات المجتمع المنتشرة في عدد من المحافظات.
غير أن هذا الاهتمام لم يوصل العملية التعليمية إلى تحقيق أهدافها المنشودة فإذا ما وقفنا عند عملية المؤشرات بالأرقام فسنجد أن مخرجات التعليم الفني تستوعب فقط حوالي ٪40 من مخرجات التعليم العام وأن موازنة التعليم الفني لم تصل إلى نسبة 5% من ميزانية التعليم ونسبة المؤسسات التعليمية والتدريبية ضئيلة بالقياس إلى نسبة التعليم العام والجامعي.
فإذا ما نظرنا في تجارب من حولنا من البلدان وأجرينا مقارنة بسيطة بين اليمن وتلك البلدان فسيتضح للعيان مدى البون الشاسع وكم مازلنا متأخرين خطوات كبيرة عنهم. فإذا أردنا النهوض بالبلد في هذا المجال فلابد من الوقوف والتقييم واقتراح البرامج والمشاريع التي من شأنها إحداث التحول التاريخي في مجال التعليم وهذا يتطلب مراجعة وتشخيص الوضع الحالي ثم الانطلاق من نقاط القوة نحو المستقبل وتجاوز الأخطاء والعثرات.
إنه ليس من الترف اليوم أن نكتب عن واقع التعليم الفني وآفاقه المستقبلية وطموحات المجتمع والدولة في الوصول إلى تعليم نوعي يمثل أساس التنمية الشاملة ويرفد البلد بالكفاءات العلمية والعملية التي تساعد في إنجاح برامج التنمية ودفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام. إن كل ما هو قائم الآن يحتاج إلى مراجعة وإعادة النظر ابتداء من مسمى الوزارة ووظائفها وهياكلها والتشريعات القائمة بغيرها من المؤسسات ذات الصلة وانتهاء بالإصلاح الإداري الشامل الذي يجعل من الوزارة مؤسسة فاعلة تؤدي دورها بحيوية ونجاح.
أولا: حول المسمى
تسمى الجهة المعنية بالتعليم في اليمن(وزارة التعليم الفني والتدريب المهني) وفي رأيي أن هذه تسمية غير دقيقة وغير مناسبة لعدة أسباب:
1- هذه التسمية تذكرنا بعناوين الكتب المسجوعة التي كانت تؤلف في تراثنا العربي أيام العصور الوسطى فهي تسمية طويلة وتعتمد على عبارتين مزدوجتين (تعليم فني+ تدريب مهني) ومقتضى مهمة هذه الوزارة تتطلب تحديث الاسم ليتواكب مع حداثة المهمة والاختصاص.
2- مصطلح (الفني) مصطلح مشكل فكلنا نعلم أن(الفن) مغاير لمصطلح (التعليم) وأن المهمة التي تضطلع بها الوزارة هي في الأساس متعلقة بالعلم التطبيقي وبالأداء التقني وليس بالفنون. والدول التي تميز جيدا بين المؤسسات التعليمية أنشأت للفنون الجميلة ومعاهد الفنون الجميلة وكليات الآداب وفيها يدرس الطالب أنواعا من الفنون مثل الغناء والإيقاع والرسم والشعر……. الخ.
ومصطلح (الفن) في اللغة العربية يقابل بمصطلين هما: (art) وهو الفن الذي يكتب بالحدس والمشاعر و(technique) الذي يكتسب بالتدريب والمراس والتطبيق العلمي فحينما نقول (تعليم فني) فإننا نقع في مثل هذا الإشكال في المصطلح إذ نحن لا نقصد الفنون ولكن نقصد التقنيات وهذا النوع من التعليم لايتجه إلى الفنون بأية حال. أو ليست الفنون مهمته الأساس إنه يتجه نحو التطبيقات العلمية والمهارات الحياتية. فكان الأحرى من – وجهة نظري – أن تسمى ( وزارة التعليم التقني) ويكفي.
3- أن مصطلح ( المهن ) مصطلح شائع بين عدد من الوزارات والمؤسسات القائمة فالإعداد للمهن هي مهمة كبيرة لا تقتصر على وزارة بعينها فالتعليم العالي يعد مهن الطب والهندسة والمحاماة….الخ.
وكذلك بعض الوزارات تعني بتدريب منتسبيها في المهن التي تقع في نطاق اختصاصاتها فلا داعي لذكر المهن في مسمى الوزارة وعنوانها ولهذا تتجنب بعض الدول العربية إدخا

قد يعجبك ايضا