المثقف العربي …والخروج من أزمة الضمير

أ/فارس قائد الحداد

 - 
 لعل المثقف العربي العصامي بصفة خاصة هو اليوم في أزهى حالته وهو يرى كثيرا من الأقنعة المستعارة في عالم الثقافة تسقط سقوطا مدويا أمام هبوب الربيع العر

> لعل المثقف العربي العصامي بصفة خاصة هو اليوم في أزهى حالته وهو يرى كثيرا من الأقنعة المستعارة في عالم الثقافة تسقط سقوطا مدويا أمام هبوب الربيع العربي مما يدفعنا لنتمهل قليلا حتى نتأمل كثيرا ليس فقط في تلك الأسباب الظاهرة منها والخفية والتي أدت إلى تلك السقطة المدوية بل تركيزنا سينصب أساسا على مناقشة هيكلية النسق الثقافي عند المثقف العربي ومن ثم كيفية الخروج من أزمة الضمير عند مثقفنا العربي .
فالحديث عن المثقف العربي هو حديث عن ثقافته بشتى أنواع ملابسها مستوردة كانت أو محلية ومن ثم كان يجب مراعاة مفاصلها وتفاصيلها ومقاييس خياطتها ومعايير أثوابها ناهيك عن توقيعاتها الاسميةالصريحة منها والضمنيه إلا أنه ومن غريب الأطوار وعجيب الطباع أن ترى هذا المثقف يرتدي طبقا عن طبق كثيرا من هذه الملابس رغم أنه يعلم أن الفصل هو فصل الصيف فصل قيظ وحر والعكس هو أشد غرابة عندما ترى بعض مثقفينا يتبرؤون ويتجردون حتى من ملابسهم الداخلية رغم أنهم يعلمون أن الفصل هو فصل برد وصقيع . حتما إنها حالة غير سليمة وظاهرة عبثية بل ولنقول إنها حالة مرضية تستدعي تشخيص الداء قبل إعطاء الدواء وإلا تدهورت حالتها بل وسلامتها عندئذ ستصبح رهينة في المستعجلات تعبث بها سرا أيادي العناية المركزة. لأجل ذلك كان ضروريا قبل التمحيص والتشخيص الدقيق مراعاة الموضوع من جانبين مهمين وهما :
الجانب الأول : إشكالية الثقة بين المثقف ومحيطه المحلي والعربي .
حيث ومن أمد غير بعيد كان المجتمع العربي وهو ينتفض ضد كثير من المعوقات والعراقيل يرى في مثقفه تلك المنارة التي بها ستهتدي السفن والمهارة التي بها ستبني حاضر الأحفاد بماضي الأمجادإذ أن العكس كان هو الإحباط بعد أن بدأت تلاشى خيوط الترابط العضوي بينهما مدا وجزرا وتتهاوى وشائج الترابط الموضوعي بينهما كما وكيفا وذلك رغم وجود وتواجد الكثير من المثقفين على اختلاف مشاربهم ومنابعهم أثاروا الحمية لأوطانهم وأبانوا السبيل لأجيالهم إلا أن جلهم أيضا ولاعتبارات ذاتية أو مادية وأخرى مذهبية أو حزبية عملوا وبكل أسف على تبييض أفكارهم وأطروحاتهم خارج نطاق السياق التاريخي لمجتمعهم مما زاد في اتساع الشقة وتلاشي الثقة بينهم وبين محيطهم العام وهذا ما ستؤكده ثورات الربيع العربي حيث انكشف الغطاء وسقط القناع وهذا حديث آخر سيكون موضوع تحليل لاحقا. من هنا إذن سيكون واجبا على المثقف العربي ذاتيا وإراديا إن يعيد صدقا قراءة مجتمعه قراءة المتأني المستبصر ومحاولا بكل ما أوتي من وعي وضمير استيعاب تلك الإملاءات والإكراهات والتي باتت إلى حد بعيد تؤرق علاقته بنسيجه المجتمعي خاصة بل وبمحيطه العربي عامة وذلك لأن إعادته لهذه القراءة الذاتية من شأنها أن تعيد إيجابا تلك اللحمة بينه وبين محيطه فينجلي الغموض وينتهي النفور علما أنه ومن خلال الإعادة لهذه القراءة على المثقف العربي أن يدرك مبدئيا بأنه جدليا يعتبر ذلك العنوان الكبير على رأس صفحات محيطه الثقافي وبأن روافده الفكرية والمعرفية تصب سلبا أو إيجابا في بحر هذا المحيط العربي المترامي الأطراف .
الجانب الثاني : إشكالية الخطاب الثقافي .
وعلاقة بما سبق ذكره حول وجوب إعادة المثقف لقراءة مجتمعه الخاص ومحيطه العام فإنه ثمة إشكاليات تطرح نفسها بقوة في إطار التفاعلات الفكرية والتراكمات المعرفية التي عرفها المجتمع العربي حراكا وزخما وناقشها تحويرا وتأويلا ووثقها تفكيرا وتنظيرا حيث لا سبيل للمثقف في مواجهتها وغربلتها إلا من خلال قيامه بمبادرة استباقية وذلك من خلال نهجه لأسلوب خطابي جديد وعميق يحدد فيه مواقف نظرته الميدانية كتشخيص دقيق لمكامن الداء وتحليل موضوعي لثغرات الذات مع التركيز منهجيا على ذكر الحلول الناجعة دون الوقوف فقط عند حدود المشاكل أو الملابسات وهذا الأسلوب قطعا سيكون له الأثر الحميد في استنهاض مشاعر الثقة من جديد وذلك لن يتم إلا من خلال أسلوبين اثنين للخطاب الثقافي وهما أولا : أسلوب الخطاب الثقافي من منظور الجرأة العقلانية إن هذا الأسلوب من زاوية هذا الخطاب يحمل مبادرة نوعية وجرأة عالية في مناقشة المثقف العربي لجميع المفارقات وكل المقاربات سواء المتفاعلة منها سلبا أو إيجابا وذلك نظرا لما يتوفر عليه من أدوات تحليلية ونظرا لما يختزله من طاقات إبداعية من شأنها أن تدفع بخطابه الثقافي ليرقى بكل جرأة عقلانية وانتفاضة منطقية دون أن يعتريه الملل أو يجتبيه الخوف أو تأخذه العزة بالإثم . نعم وقد لا يكثرت المجتمع في الب

قد يعجبك ايضا