العم عمر …أو ديستويفسكي اليمن ..

عبد الرحمن بجاش

 - ذات لحظة أجبرني الأستاذ الكبير عبدالله البردوني رحمه الله وكان صاحب البصيرة الانفذ إلى جانب قلة من الكبار أما أن هذه البلاد خسرتهم حين ذهبوا قبل الأوان أو أنهم لا يزالون ينحتون صخرة الحقيقة محاولة للوصول إلى اليقين الذي نفتقده في لحظة ملخبطه كما هو ذهني الآن !!! , أجبرني البردوني على أن أجلس على التراب أقرأ ما كتبه عن عمر الجاوي حين وصفه بـ ( ديستويفسكي اليمن )
ذات لحظة أجبرني الأستاذ الكبير عبدالله البردوني رحمه الله وكان صاحب البصيرة الانفذ إلى جانب قلة من الكبار أما أن هذه البلاد خسرتهم حين ذهبوا قبل الأوان أو أنهم لا يزالون ينحتون صخرة الحقيقة محاولة للوصول إلى اليقين الذي نفتقده في لحظة ملخبطه كما هو ذهني الآن !!! , أجبرني البردوني على أن أجلس على التراب أقرأ ما كتبه عن عمر الجاوي حين وصفه بـ ( ديستويفسكي اليمن ), وديستوفيسكي الأصل من أعظم كتاب روسيا وأدبائها , قل من أعظم كتاب العالم , ومن أشهر أعماله ( الأخوة كارامازوف ) و ( الجريمة والعقاب ) , كان البردوني قد أجلسني أرضا لقراءة صفحتي رثاء في الأستاذ النعمان في يومين متتابعين على صفحات ( الثورة ) , ذلك بعض تقدير الآخرين للعم عمر الجاوي , أما هو فانظر , فقد كنا ذات ليل في فندق دار الحمد حول طاولة توزعنا عليها هو والأستاذ عبدالوهاب المؤيد رحمه الله , وبتواضع ورهبه أنا , واحدهم قدم مع العم عمر من عدن ضمن وفد للأدباء والكتاب , وحين بدأ المؤيد في الحديث قاطعه ذلك الـ ( أحدهم ) , ( كيف تتحدث عن الثورة وأنت ملكي ) , حتى انتصب الجاوي وصوته يهدر ( يا علي السياغي احمل هذا الكرتون واقذف به على أول طائرة شحن ذاهبة على عدن ) وهذا ما تم , ذلك بعض عمر , وموقف آخر , فقد كان ثمة مخبر أعرج مكلف بمتابعة الجاوي كلما قدم من عدن , صادف أن التقى العم عمر بالعم عمر السقاف مدير تحرير الميثاق رحمه الله , فبادره الجاوي ( يا عمر السقاف , احترم نفسك يا أخي أعزمنا يوما عندك غداء , يا أخي ضبحنا من أكل الفنادق ) , كان السقاف يذهب بنظره تارة إلى الأعرج يبعد أمتارا عن الجاوي , ويعود ينظر إليه , والجاوي يدري أن المخبر إياه وببلادة منقطعة النظير يتتبعه , وقد لاحظ تلكؤ السقاف , فأدرك السبب , ليعود بصوته الجهوري ( مالك يا سقاف وقعت بخيل , ما معكش قيمة خروف تذبحه للغداء , اذبح هذا الخروف الذي بعدي ) , تلك بعض شجاعة العم عمر , وفي تلك المرحلة كانت الحكمة مجلة اتحاد الأدباء تأتي من عدن فيجري إيقاف توزيعها , حتى تراها فجأة وقد نزلت فاعلم أن الجاوي في صنعاء وقد ذهب إلى أكبر رأس في البلد ( هيا مش قلت ديمقراطية , كيف تمنع الحكمة من التوزيع ولأنه الجاوي فيسمح لها بالنزول بما احتوته , ذلك هو الجاوي مرة ثالثه ورابعة وخامسة ………وفي ذكرى رحيله السادسة عشرة نقف تعظيم سلام للرجل الأكثر شجاعة , من كان يقول كلمته في النهارات المظلمة في حياة هذا الوطن , ( لا ) يقولها في كل زمن ومكان يهرب الجميع من قولها , يقولها في وجه كائن من كان طالما وهي من أجل الوطن , في لحظة الوطن الآن نحن بحاجة إلى روح الجاوي تدين الخائفين والوجلين ومن ترتعش أيديهم في وقت الوطن بحاجه لمن يقول… نعم… حيث يجب أن تقال و…لا.. حيث يفترض أن تقف عائقا أمام من يريدون أن يذهبوا به إلى الهاوية , كم نحن بحاجة إلى شجاعة الجاوي , فالوطن في مفترق طرق, على الشجعان من يحيون روح الرجل أن يقودوا اللحظة الوطنية إلى حيث الأمان ……..

قد يعجبك ايضا