التلوث يغزو المناطق الريفية

محمد العريقي


 - استأسدت التقارير البيئية والمائية هذه الأيام على البرامج الميدانية التي تبثها بعض القنوات الفضائية , وركزت على وجه التحديد على شحة المياه وندرتها في

استأسدت التقارير البيئية والمائية هذه الأيام على البرامج الميدانية التي تبثها بعض القنوات الفضائية , وركزت على وجه التحديد على شحة المياه وندرتها في عدد من المناطق في الريف والحضر, ومن جهة أخرى كان هناك تسليط ضوء على بعض مظاهر التلوث على مصادر المياه من بعض أحياء المدن الرئيسية .
وشي جيد أن يتم التركيز على هذا الموضوع ( التلوث ) فهو اشد خطورة من ندرة المياه , لما له من إضرار على الصحة العامة , للسكان.
لكن يظل الريف بعيد عن اهتمامات وسائل الإعلام , وبالتالي لا يحظى بالخدمات الفعلية في الخطط والبرامج التنفيذية , في حين أن معظم سكان اليمن يتواجدون في المناطق الريفية ( 70 % تقريبا ) وتعد تلوث المياه من المخاطر التي تحتاج إلى جهود ماديه وتوعوية للحد منها .
فمعظم سكان الريف يعتمدون في حصولهم على ما يحتاجون إليه من مياه الشرب من مصادر سطحية مثل مياه السدود والحواجز المائية أو من مجرى السيل أومن البرك ومعظم هذه المصادر مكشوفة وهي عرضة لمختلف الملوثات منها :ملوثات طبيعية كنمو النباتات والطحالب وتعرضها للترسبات المعدنية المختلفة التي ربما تؤدي إلى تغير في مكونات المياه ناهيك عن أن هذه المياه قد تتحول إلى أماكن لتكاثر العائل الوسيط أو الحشرات الناقلة للأمراض وقد لوحظ أن الحواجز المائية والسدود المتوسطة الحجم والكبيرة على الرغم من أنها ضرورية لتحسين وضع ري المزارع والأراضي المحيطة إلا أنها تحمل في طياتها خطر توالد وتكاثر نواقل الأمراض مثل البلهارسيا وتشكل مرتعا لتوالد البعوض .
وهناك ملوثات ناتجة عن التصرف السيئ للإنسان فعدم اتباع أسس التعامل الصحي السليم مع هذه المياه وكذا عدم الاكتراث لتلوث منطقة (مجمع المياه) بالملوثات المختلفة أخطرها الفضلات الآدمية والحيوانية مما يجعل هذه المياه غير نقية وغير صالحة للشرب إذ يشاهد أثار التبرز على ضفاف الوديان والترع وغسل الملابس في المياه الراكدة كمياه السيول والبرك وأيضا حفظ المياه الملوثة بالفيروسات في الأوعية الفخارية في القرى وعدم تنظيف الخزانات التي تستخدم لحفظ المياه. المياه وبالتالي خلق بؤرة لتوالد البعوض الناقل للملا ريا.
كما أن النوعية لا تحظى بالاهتمام ولعلنا نشاهد السكان في بعض المناطق الريفية تغمرهم السعادة لوجود مصدر مياه بغض النظر عن النوعية فهو بنظرهم أفضل من الحرمان الذي تحدثه الندرة , ولعلى بعض من أصحاب النفوس الضعيفة يستغلون حاجة الناس لمياه الشرب , وخاصة أصحاب الآبار الارتوازية الذين يبيعون مياهها للسكان دون أي اعتبار لمكونات تلك المياه , ومنها ماتحتوي على عناصر معدنية ملوثة وخطيرة على الصحة .
فقد حدثني أحد المهندسين الذي عمل في قطاع المياه لفترة طويلة عن تجربته في مراقبة وتقييم آبار المياه حيث لاحظ عشوائية وارتجال من بعض أصحاب الآبار الذين يحفرون ويعمقون الآبار دون اعتبار لنوعية المياه. فأحدهم حفر بئرا ضاربة في أعماق الأرض وعندما ضخت المياه كان لونها أصفر فامتنع المهندس عن منح ترخيص باستخراج المياه من هذه البئر, فصاح صاحب البئر بوجه المهندس : وخســــارتي !! أنا طارح فيها ملايين الريالات !! قال له المهندس : وأنا ما أعمل لك هذه المياه ملوثة وغير صالحة للاستخدام ويجب أن تردم.
قال صاحب البئر : أعمل المستحيل.. وسأعطيك أي مبلغ
لكن المهندس رفض العرض.. ورفع تقريره وحاول صاحب البئر أن يستعين بأصحاب النفوذ.. ففشل.
هذه حالة من هدر الأموال في البحث عن المياه بطريقة غير علمية
وغير مدروسة مسبقا فليس أي ماء صالح للاستخدام ولو كان محفوظا في أعماق الأرض, فالمياه الموجودة في الطبيعة تحتوي على مواد كيماوية ( عضوية ومعدنية) مذابة أو معلقة وبعض هذه المواد يضاف إلى المياه بفعل العمليات الطبيعية والبعض الآخر بفعل الأنشطة البشرية.
ونظرا لندرة المياه فإن البعض يلجأ لاستخدام المخصبات وخاصة على القات وأنواع من الخضار لبقاء ظاهرة الاخضرار على الورق وسرعة النمو, إذ يتم استخدام بعض الأسمدة الكيماوية , بهدف زيادة خصوبة التربة وزيادة الإنتاج فاستخدام تلك المخصبات يعتبر من عوامل تلوث التربة وتسبب في حالة من عدم التوازن بين العناصر الغذائية داخل النبات مما يؤدي إلى تراكم كميات كبيرة من تلك المركبات في التربة وتحل المياه متبقيات المخصبات إلى المياه الجوفية حيث تتراكم وتفقد المياه الجوفية صلاحيتها للشرب.
فالتلوث سواء كان مصدره المياه مباشرة أو التربة أو ألأجسام الصلبة الأخرى فإن المياه هي التي تدفع الثمن لمواجهة هذه الأشياء وهذا ما يفاقم من ند

قد يعجبك ايضا