شريكة الحياة
د. ياسين عبدالعليم القباطي
د. ياسين عبدالعليم القباطي –
قصة واقعية لمصاب بمرض الجذام تغلب على المرض وأنتصر عليه و ما زال يعمل في برنامج مكافحة الجذام هو الحاج أحمد عزيز أبو حسن من بيت أبوحسن عزلة الكينعية آنس.
سوف أنتظر خبر موافقة الضيف على زواجي من إبنته ما يضرني لو أنتظرت ساعة أو ساعتين أو حتى ثلاث مضى عمري وأنا وحيد مشرد قطعت مئات الكيلومترات ماشيا على أقدام مشققة أبحث عن علاج لمرضي أقضي الليالي وحيدا باكيا أشكي همي لربي لا أحد يواسيني أو يمسح دمعي أنقضت شهران وأنا أنتظر حضور والد من أخترت لتشاركني حياتي سهرت الليالي أحلم بالزواج من تلك الفتاة الجادة التي ستواسيني إن حزنت وستشاركني مرض الجذام بقية حياتي وستصبر على مرضي كما سأصبر على مرضها سأرعاها إذا أصابها الجذام بنكسة أو بألم وسترعاني وسنبني معا بيتن في هذه المستعمرة التي يعيش فيها كل من أصابه الجذام بوصمة فأبعدته عن موطنه وأهله هنا لا يزعجنا الناس بفضولهم ولا يتأففون منا هنا نعيش بحرية وسلام آمنين من شر المجتمع وعزلته ياترى كم سأنتظر القادم من عنس بين اليأس والرجاء¿ وهل سيوافق على زواجي ومصاهرته¿ كم أنا قلق وخائف أن يرفضني أستغرقتني الأفكار السوداء وهدني الخوف والقلق وبينما أنا غارق في أفكاري المتضاربة بين الخوف من الرفض والأمل بالموافقه أتى طفل صارخا من بعيد” أحمد أحضر إلى بيتنا عمي يريدك”. قفز قلبي يجري خلف الطفل قبل أن تتحرك قدمي طرت إلى بيت الآنسي وبكل أدب سلمت على الرجل الكبير وقبلت يده . قال عمي محمد يخاطب والد الفتاة “يا أحمد عايض هذا هو أحمد عزيز الذي ترجاني أن أتكلم معك حول رغبته بمصاهرتك” تأملني الرجل طويلا ينظر في وجهي إلى أطرافي يتأمل ملامحي قبل أن يسألني “من أين أنت يابني ¿” أجبته من “من بيت أبوحسن في آنس” .. “أنتم جيران لقبيلتنا” رد علي ثم أستطرد ” وهل تعرف ناصر حسين وسعد حسين وعلي حسين أبو حسن” فقلت “أولائك هم أعمامي” فقال ” هم من معارفي وهم نعم القوم مرحبا بك ولكن الشرط موافقة صاحبة الشأن ” طلب الرجل من عمي محمد أن يفسح له الطريق ثم تركني وذهب إلى غرفة النساء وغاب دقائق مرت علي كأنها سنين قلبي يدق بشدة وأضلعي ترتجف والعرق البارد يتصبب من جبيني لا حظ ذلك عمي محمد وقال ” مالك يا أحمد هون عليك كل شيء سيكون على مايرام لا تقلق” عاد الرجل بوجنته المنتفخة وبوجه قد حوله القات إلى شكل لا تعبير له ولا تستطيع أن تقرأ منه شيئا وجلس دون أن ينطق ببنت شفة شرب كأسا من الماء وسعل وأنا بفارغ الصبر أنتظر حرفا ينطق به لسانه وأخيرا نطق ” لا بأس لقد أقنعت بنتي بالزواج منك ولكن ليس لدي وقت للبقاء هنا سوف أعمل توكيلا لعمك محمد الآنسي وهو يعقد لك ولكن يجب عليك دفع مهر, مائتي ريال جمهوري” وافقت فورا وأخبرت عمي محمد أن يعطيه المبلغ من فلوسي التي أوفرها لديه أخذ الرجل المال وأعطى منه خمسين ريالا لعمي الآنسي وأخذ الباقي بعد أن كتب وكالة وعمدها بقسم الشرطة وعليها بصمة إثنين شهود أسبوع مضى أكملت كل ترتيبات ما قبل الزواجأستأجرت غرفة خارج قسم الجذام وذهبت مع الشهود وعمي الآنسي إلى القاضي الحداد في حارة المستشفى الجمهوري وتم عقد النكاح وصرت زوجا صاحب أسرة وبيت وأنتهى عهد الوحدة والتشرد وأجتمعت أنا وزوجتي تقوى أحمد عايض سعد الجبري في بيت واحدة. حكيت لها قصتي مع الجذام ورحلتي إلى الحجاز لطلب العلاج مرافقا لجنود الملكيين وكانت قصة زوجتي مع الجذام لا تختلف كثيرا عن قصتي وهذا ما قالته لي:
(( بدأ المرض في جسمي وأنا صغيرة لا أتجاوز التاسعة من عمري كنت مثل كل بنات القبيلة أرعى الغنم في الشعاب والجبال المجاورة لقريتنا وكان لدى والدي الكثير من الأرض ومائة غنمة الغنم كانت مسؤوليتي منذ طفولتي أخرج معها من الصباح الباكر قبل أن تشرق الشمسن أخرج كنت دائما اشعر بالتعب والإرهاق يغلبني النعاس فأنام في الجبل وأحيانا ولا أصحى إلا علي صراخ الفتيات بعد أن تذهب غنمي عني بعيدا تضيع غنمي أو يأكلها الذئب وأنا نائمة يشتد على المرض فلا اذهب للرعي أجلس في البيت وفي أحد الأيام صادف أن أتى إلى القرية أحد المراوعة من تهامة من أجل معالجة المرضى وكانت أمي تقوم بإطعام بقرتنا في حوش المنزل فأحضرتني أمي إلى المروعي وأخبرته بمرضي فقال لها لا استطيع أن أعالج ابنتك. لم تكن هناك مستشفيات في ذمار وفي عام 1966م قامت الجمهورية ببناء مستشفى في ذمار فأخذني والدي إلى ذمار وهناك تم عرضي على احد الأطباء الذي قال لوالدي “علاج ابنتك في تعز” وأعطاه تحويلا إلى المستشفى الجمهوري في تعز عدنا إلى القرية لينهي وا