دلالة المكان في الشعر اليمني المعاصر
متابعة / محمد ابو هيثم
نال الباحث والأديب عبد الله زيد صلاح درجة الدكتوراه في الأدب والنقد بتقدير ممتاز (95%) مع مرتبة الشرف الأولى من كلية اللغة العربية وآدابها –جامعة أم القرى – عن أطروحته الأكاديمية الموسومة ب (دلالة المكان في الشعر اليمني المعاصر من منظور القراءة والتأويل) وذلك خلال الأيام الماضية تحت إشراف الأستاذ الدكتور/ مصطفى حسين عناية. وقد تكونت لجنة المناقشة والحكم من كل من : أ.د/ مصطفى عناية رئيسا و أ.د / محمد المباركي مناقشا خارجيا عضوا الجامعة الإسلامية أ.د/ ناصر شبانة مناقشا داخليا عضوا. وأشادت لجنة المناقشة والحكم بما توصل إليه الباحث من نتائج وتوصيات في الرسالة التي تميزت بالرصانة وعمق القراءة وأشارت إلى أنها تمثل قيمة إضافة ونوعية في حقل الدراسات النقدية الحديثة.
وقد تناول الباحث في دراسته النقدية الأكاديمية تجارب ستة من الشعراء اليمنيين وهم عبد العزيز المقالح وعبد الله البردوني وحسن الشرفي جنيد محمد جنيد وشوقي شفيق وأحمد العواضي. والباحث عبد الله زيد صلاح المدرس بجامعة ذمار له كثير من البحوث الأدبية والنقدية المنشورة في كثير من الصحف والمجلات المحلية والعربية.. حضر المناقشة أ.د/عبد الله المسملي وكيل كلية اللغة العربية ود. محمد الدغريري رئيس قسم الدراسات العليا بالكلية وعدد كبير من أساتذة الكلية وزملاء الباحث وأصدقائه من اليمنيين والعرب والأجانب.
ويعد الباحث والأديب الدكتور/ عبدالله زيد صلاح من الأسماء الأدبية التي لها حضورها المتميز في الساحة الثقافية ويعول عليه في تقديم الكثير من العطاءات والإبداعات الثقافية والإبداعية والمساهمة الفعالية بالنهوض بالحركة النقدية في اليمن مع زملائه المبدعين.
ولهذا المبدع المتميز نقدم له باقة محبة وتقدير ونقول له ألف مبروك على الدكتوراه.
وفيما يلي نستعرض مع الباحث ملخص أطروحته الأكاديمية والذي استعرضه أمام لجنة المناقشة.
المكان واتباطه بالوعي الذاتي والجمعي
• يقول الباحث عبدالله صلاح عن اتجاهه لدراسة هذا الموضوع :
– إن انصراف الباحث تجاه دراسة موضوع هذا البحث (دلالة المكان في الشعر اليمني المعاصر) تنبعث أهميته من الفعالية الكبيرة التي ينطوي عليها المكان في الإبداع الأدبي ولاسيما المكان الذي يمنح الشاعر مجالا واسعا من الحركة والانفلات من قيود الواقع المحسوس وعناصره المتباينة والمتناقضة أي المكان الذي يتحفز باللغة فتتجلى تشكيلاته من خلال المعاني والقيم الدلالية والرمزية التي تمنح القارئ الرغبة في استجلاء هذا الحضور المتميز وكشف جمالياته ورؤاه وعلاقاته العميقة.
لقد شكل المكان بشكل عام فعالية كبيرة لارتباطه بالوعي الذاتي والجمعي كتجربة عاطفية وثقافية واجتماعية وفلسفية موجودة بعمق في واقع الإنسان وحياته ولهذا كانت هذه الفعالية وما تزال موضع اهتمام الفلاسفة والبلاغيين والنقاد ولكن مناط اهتمامنا يتعلق بطبيعة وجود هذه الفعالية في مجال الدرس النقدي الحديث إذ بدت عنصرا هاما تنهض به عملية الإبداع الأدبي بشكل عام.
ولما كان الشعر اليمني المعاصر يتناغم مع سياقات التجربة الشعرية وتحولاتها الحديثة وخاصة تلك التجليات الفنية التي تشع من لجوء المبدع إلى ترجمة العلاقات النفسية والذهنية والتصويرية الجامعة بين الشاعر والمكان فإننا سنلجأ في هذا البحث إلى مقاربة الرؤى والتصورات الدلالية والجمالية التي تتولد بفعل امتصاص اللغة الشعرية مقومات الأمكنة وانعكاساتها الثقافية والاجتماعية والعرفية والوجدانية التي تستدرج وعي الشاعر وعاطفته وتلهب مخيلته للتعبير عن تشكيلاتها وعلاقاتها التي تمنح المكان الحيوية والخصائص المتعددة.
إن التمكين الذي يمارسه المكان في تصوره وفلسفته وأشيائه المادية والجمالية يدل على أنه فضاء واسع تربطه صلات متينة وعميقة بالذات الشاعرة ولهذا يحيل حضوره في النص الشعري إلى مؤشرات وسمات دلالية تعكس مدى إدراك الشاعر بفاعلية آثار المكان الثقافية والشعورية وحرصه على تحويلها إلى مادة شعرية تحمل في نسيجها قدرا كبيرا من المفردات والعلامات الدالة على تجربة حقيقية قابلة للقراءة والتأويل.
تميز وتنوع
ويأتي انصراف البحث إلى مقاربة دلالات المكان في مدونة الشعر اليمني المعاصر مما يكتسبه حضور المكان في المدونة من تميز وتنوع في التشكيل والإبداع فثمة ظواهر وأساليب تكشف طبيعة هذا الحضور وتجلياته الدالة على ثراء معانيه ودلالاته وتفاعلاته وهو ما يمنحه زخما من الانتظام والشمولية. ويقتصر التركيز في البحث فقط على المكان الذي يحمل تشكيلات دلالية وجمالية تربط بين أجزاء الصورة الواقعية للمكان وما ترصده ذهنية المتلقي/القارئ من استجابات تتكثف بفعل ما تحرك في كوامن