مشاهدات عيدية
جمال الظاهري


(عيد الأضحىö) أو العيد (الكبير) هكذا يسمى في صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية .. في هذا العام هذا المسمى بدأ يتراجع أو صار هناك تحفظ في إطلاق هذه التسمية أثناء تبادل الأحاديث بين الناس وكأنهم يتحرجون أو أنهم لا يريدون أن يتذكروا مدلول هذا المسمى المقترن بأضحية العيد التي لا يستطيعون أن يوفروها.
من مشاهدات العيد أن الأضاحي ملأت الأسواق كمعروض فيما الطب كان محدودا ليس لأن حاجات الناس مشبعة.. بل على العكس الحاجة ربما فاقت العرض إلا أن القوة الشرائية لدى المستهلك قد تدنت وتقلصت لدى السواد الأعظم إلى حد كبير وزاد من هذا التقلص ارتفاع قيمة الأضاحي بنسبة كبيرة.
في هذا العيد غابت فرحة العيد من وجوه الناس وحتى الأطفال بشكل ملحوظ واتسعت حالة التكشيرة اللا إرادية التي جعلت البسمة التي ينتزعها الإخوة من براثن العبوس أمرا شاقا خاصة أنهم مطالبون بها في مناسبة العيد وفي نفس الوقت مأجورون عليها وغير ذلك فإن الطبع الإنساني والحالة المجتمعية تفرض على الإنسان الذي يعتز بنفسه ألا يظهر حالة الانكسار والضعف أمام الآخرين ممن يعرفهم ومن لا يعرفهم تجنبا لأي نظرة تشعره بالدونية أو الحاجة.
من مشاهدات هذا العيد أن الأسواق غلب على معروضها المنتجات المتبقية من عيد الفطر خاصة المعروض من الملبوسات وكذلك اتساع مساحة المعروض من المنتج الزراعي المستورد والمقترن تسويقه بعادات المجتمع العيدية فالزبيب تعددت مصادر استيراده وغابت عنه الجودة ومع ذلك كان اقتناؤه هو الغالب لأن أسعاره تناسبت مع القدرة الشرائية المتدنية للمواطن الذي صار اقتناؤه للمنتج المحلي الجيد أمرا مقتصرا على المحظوظين من الميسورين وعلية القوم.
من المشاهدات اللافتة والجديدة في هذا العيد أن الأطفال صاروا قنوعين ويقبلون بالقليل من طلباتهم العيدية وكأنهم يدركون حالة الضغط المعيشي التي يعانيها آباؤهم فالثياب الجديدة ليست ضرورية وارتداء ثياب العيد السابق أو تجديدها ببعض ما يعرضه الحراج يؤدي الغرض .
لوحظ في هذا العيد تراجع النقاش في الشأن السياسي المحلي والخارجي بصورة لافتة عند التقاء المعايدين والاقتصار على التهنئة العيدية وبعض المجاملات الضرورية وتجنب التطرق للشؤون الخدمية العامة التي تشهد تراجعا مستمرا في مستوى حضورها الخدمي على الواقع اليومي للناس.
بالمجمل كان أهم ما لفت انتباهي أن الناس بدوا وكأنهم قد ألغوا كل ما كان غير مقبول ويحاولون أن يتعايشوا معه أو أنهم قد ملوا واستسلموا للأمر الواقع الذي يعيشونه.
وما هو ملاحظ في الأعياد السابقة أذكر بأن الأسر التي تسكن في عواصم المحافظات اليمنية كانت تفضل أن تقضي إجازة العيد في الأرياف لكن ماهو حاصل في هذا العيد العكس تماما نتيجة لتكاليف السفر وقلة المصروف وهذا بالتأكيد ناتج عن الأزمة السياسية والاقتصادية التي يعاني منها البلد.
فالضائقة الاقتصادية كانت هي لسان حال الغالبية الذين ترجموها بالتعبير الشائع” العيد عيد العافية”.
