عيدية للمغتربين
عبدالواسع محمد مجلي
للذين عبروا القفار وقطعوا الفيافي باحثين عن لقمة عيش شريفة رغم بعدهم عن الأهل والأحبة ومفارقتهم للديار التي يلتعج الحنين إليها ويتأجج الشوق كلما رأوها من خلال نافذة الإعلام المرئي عبر قنوات تحمل السعيدة إلى كل بقاع الدنيا – رغم أن من فارقوها يحملونها معهم أينما يمموا وجوههم – أو جاءهم ونيس سفر جديد يحمل معه أخبار الأهل والأرض فيثير فيهم لهفة ولوعة تكاد تحرق من حولهم لكنها أبدا لا تحرقهم لأنهم يحملون اليمن معهم لكم أنتم عيدكم مبارك وكل عام وانتم بألف خير . لكم أنت تحلو التهاني وبكم يكون الهناء وإليكم تنساب البهجة رقراقة عذبة لتغسل كل جبين مغترب تصبب عرقا ليأكل من كد يده , نعم كد يده التي يحبها الله ورسوله والتي عافت غير حقها فشرفت صاحبها بعطائها الذي كان هو الشرف ذاته . إنها تهانينا التي أثقلن بها سحاب الوجد واللوعة لتمطر قبلات محبة لكل من عبر الحدود بجسده لكن قلبه محفور على جدران الدار يشتم عبير نسائم الصبح العابق بروائح الكاذي والزعتر والريحان القادمة من وريقات قدر لها أن تطيب منبتا ومستقرا كما طاب ذلك لقلب مغترب رفض الترحال فترك لجسد صاحبه أن يذهب مصحوبا بالسلامة والتوفيق لكن ذلك القلب شامخا على الأرض يطاول بشموخه سماء الوطن ليرتقب مقدم جسد صاحبه فتكون حميمية اللقاء وحرارة العناق الذي يبلغ ذروة الالتحام بين الروح والجسد . وحتى يعود ذلك الجسد الذي أرتحل عن السعيدة لكنها تسكن حدقات عيونه كما يسكن هو حنايا الفؤاد نترك مساحة للشوق كتبنا على حوافها كل عام وأنتم بخير وكل عيد وأنتم فرح وسعد كل مقام كريم ووصال حميم . عيدكم مبارك وجعلكم الله من عواده على أرض تعشق مقامكم فيها بالقدر الذي تعشقونها روحا بدلا عن روح أقام ولم يرحل ورفيقة ترحال تحنو على صاحبها وتداعبه إلى كل وجهة على امتداد المعمورة .
