حفار المياه الحلقة ست وثلاثين

د. ياسين عبدالعليم القباطي

 - أخفيت التحويل في محفظتي حول خصري بعيدا عن العيون  هو شيء عزيز كالمال حفظته في الكمر  لا أريد أن أفقده أريد أن أخفيه فلا يراه أحد غيري كنت هو سري ومنقذي وفضيحتي
أخفيت التحويل في محفظتي حول خصري بعيدا عن العيون هو شيء عزيز كالمال حفظته في الكمر لا أريد أن أفقده أريد أن أخفيه فلا يراه أحد غيري كنت هو سري ومنقذي وفضيحتي أيضا لا أعرف أين قسم الجذام ولا أين الحصب ولا أتجرأ السؤال عنه حتى لا يكتشف أمري ويعرف الآخرين إنني مصاب بهذا المرض الخبيث فيعزلوني وينفرون مني.
خرجت من قسم الأعصاب في المستشفى العسكري العتيق واتجهت صاعدا صوب الجبل العملاق صبر أستنجد بك يلصبر بقممك الشامخة أنقذني مما وصمني به ذلك الطبيب الروسي وبعده الطبيب الحبشي وقبلهم الطبيب الأميركي بل وكل المجتمع لا مجال لي ولا هروب أنا فعلا مصاب بالجذام ويجب أن أقبل الحقيقة وهي وصمة عمري التي ستبقى معي طول حياتي وربما أورثها لأطفالي من بعدي فهكذا أراد الظالمين. أصبنا بالجذام فحاربنا ونفر منا الناس بسبب مرض ليس لنا به ذنب ولا سعينا إليه.
سرت لا أعرف إلى أين وفجأة رأيت أمامي حشدا كبيرا فتوقفت مظاهرات من شباب المدارس حشود عارمة تريد أن تجتاح سور السفارة الأميركية الواقعة على يميني في شارع المستشفى الجمهوري في منزل عبدالعزيز الحروي ويقف أمامهم كثير من العسكر يمنعون الشباب من إختراق سور السفارة مظاهرات عمت مدينة تعز ويقال أن الحرب بدأت في شمال الجزيرة العربية بين مصر وسوريا والأردن من جهة وإسرائيل من جهة أخرى .
كانت تعز حتى قيام الجمهورية هي عاصمة اليمن فقد نقل الإمام أحمد السفارات والعاصمة إلى تعز بعد أن قتل والده فأباح صنعاء نهبا للقبائل وجعل تعز عاصمته رغم إن تعز لم تدخل ضمن أراضي اليمن التي تحكمها الإمامة الا في عام1918 بعد أن أصطلح الإمام يحيى مع الحكم العثماني td 1911 وما زالت كل السفارات في تعز بعد الثورة فصنعاء غير آمنة سيدمرها الملكيون حتى إذاعة تعز تدعي أنها من صنعاء فيقول المذيع “هنا صنعاء إذاعة الجمهورية العربية اليمنية ” وهو يتحدث من تعز.
أميركا تدعم إسرائيل في حربها ضد العرب والمظاهرات في تعز تؤيد جمال عبدالناصر وتشجب العدوان الإسرائيلي الذي أستغل ضعف الجيش المصري بعد تورطه بنصرة ثورة اليمن . تعز مدينة تحتشد فيها الأحزاب إخوان مسلمين يقودهم كثير من الأساتذه هيال فرحان وأخيه سعيد فرحان وعبدالمجيد الزنداني مدرس كيمياء في مدرسة الثورة الثانوية بعد أن ترك دراسته في كلية الصيدلة في مصر ولم يكملها التنظيم الشعبي الناصري حزب آخر يقوده عيسى محمد سيف طالب في الثانوية وحزب حركة القوميين العرب يقوده طلبة وعمال أشهرهم عبدالحليم عبدالله ومحمد عمر وحزب البعث وأحزاب أخرى في تعز اليوم جميعهم متفقين ويتظاهرون أمام السفارة الأميركية في تعز ضد أميركا وإسرائيل .
في تعز أحتشد الزعماء السياسيون من الجنوب والشمال حتى من إريتريا إسياسي أفورقي يمارس نشاطه السياسي من تعز وعلي سالم البيض وعبدالله المجعلي وعبدالفتاح إسماعيل تعز تستقبل السياسيين كما تستقبل المظلومين والخائفين من المجتمع بسبب مرض أصيبوا به لم يختارونه ولم يسعون إليه مثلي.
في تعز حارات تجمع في بعضها أبناء الضالع وأخرى يسكنها أبناء أبين وأخرى لأبناء يافع وأخرى لشبوة ومعظمهم قادة وفدائيين في الجبهة القومية التابعة لحركة القوميين العرب وفي جبهة التحرير الناصرية كلهم تجمعوا في تعز ومنها ينطلقون لتحرير الجنوب اليمني من بريطانيا.
تركت المظاهرات وسألت أحد المارة أين أنا¿ فقال لي أنت في العرضي وتلك كانت النقطة الرابعة ثم صارت عيادة الأطفال السويدية فيها أطباء من السويد يعالجون أمراض الأطفال .
سألته وماذا في النقطة الرابعة ¿ فأجابني هي مقر لمشروع أميركي يبيع القمح الأميركي الرخيص للبلدان المحتاجة بعملة محلية ويترك العملة في بنوك تلك البلدان ليعطيها للحكومات كمساعدات في ما بعد هو مشروع يشجع الفلاحين الأميركيين ويشتري منتجاتهم الزراعية ويعطي قمح ورز للبلدان الفقيرة فيؤدي إلى عزوف الفلاحين المحليين عن الزراعة لأن ما يأتي من الخارج أرخص مما ينتجونه.
تركت المظاهرات خلفي وتركت العرضي وهو مقر قيادة جيش الإمام السابقة والعرضي إسم تركي يطلق على معسكرات الجيش واستمريت هابطا عقبة أخرى هذه التلال هي سر جمال تعز كل بيت في تعز مبني على تلة مرتفعة وأمامه مناظر خلابة للجبال والوديان. ولكن ما هذا أمامي مجموعة من الشباب أيضا منهمكون في رصف الطريق بالحجارة ويلبسون ملابس موحدة وعلى صدورهم مناديل خضراء متدلية من أعناقهم. سألت أحدهم “ماذا تعملون¿” قال “نحن فرق الكشافة بقيادة عباس محمد علي نقوم برصف هذا الشارع بالحجارة ثم ستقوم البلدية بوضع الإسفلت عليه لتمهيده” وأضاف “الكشافة في خدم

قد يعجبك ايضا