وحشه..

محمد المساح


 -  لم يطاوعه القلم في تلك الليلة ليكتب ظل خلالها يقلب الصحف حتى استنفد آخرها.
نظر إلى القلم يرجوه
لم يطاوعه القلم في تلك الليلة ليكتب ظل خلالها يقلب الصحف حتى استنفد آخرها.
نظر إلى القلم يرجوه لو تعاونا الاثنان معا كان القلم مستكينا في غفوته على الأرض لا يقدر على الكلام تظلله مشاعر عزلة متوحدة في ذاتها غارق هناك في البعيد نائي كجزيرة معزولة وخالية في عمق البحر..
وعاد يفكر وهو ينظر بعمق إلى وجود القلم أمامه متروكا هناك وحيدا ومعزولا منفرد بكيانه الحزين.. تواردت الخواطر.. أليس للقلم أحزانه الصامتة¿ ذلك المرافق الصامت دوما.. الذي يسكب مداده عبارات على سطوح الورق.. أليس هو الذي يطاوع البنان ويسلم نفسه بطواعية شديدة الحنو تعبر بها البنان أخاديد السطور ومنعرجات الخطوط.. يمضي القلم صبورا فيهمي مداده ارتسامات شتى تشكل الكلمات نقطا وفواصل ووقفات تشكل الكلمة بالتنوين وبالضمة وبالكسرة.. يسير في رحلة الليل والنهار لا يتوقف للراحة.. ولا ينام يجري مع صاحبه في كل الطرق وكل الدروب.. لا يخون الرفقة أبدا.. ولا يتخلى عن صاحبه في أحرج المواقف يظل في جيب صاحبه كالحارس الأمين لا يغادر ولا يتململ.
في وحدته الليلية ربما صورت له تلك اللحظة تذكر صديق بعيد حضور إنساني عزيز عليه افتقده في وحدته فتمنى.. تبادل الكلام معه.. تلك العزلة النفسية.. الإحساس المهيمن بتحول الناس إلى أشياء وإلى جزر منعزلة وبالتالي إلى أهداف غير منظورة.
إلى تلك الأمور غير المرئية.. وهي تغزو الناس إلى الأعماق فتسبب الحزن العميق بعشوائية غريبة لا يحكمها قانون المصادفات نفسه.
أشياء وأشياء لا يجد لها تفسير.. إحساس غامض وغريب يدفع النفس إلى الانكماش تبحث عن ملاذ في تساؤل حارق والنظرة تتوه في الأفق البعيد تفقد طريق عودتها وتترك صاحبها بلا معين.
دارت في ذهنه خواطر مشوشة وتتالت كلمات غير مترابطة بلا معنى في آخر المطاف والأفكار تهرب بعيدا لم يجد أمامه غير القلم يبثه شكواه.

قد يعجبك ايضا