في الدرك الأسفل!
حسين محمد ناصر
> تزدحم الكثير من الصحف اليومية والأسبوعية العربية بأقلام فئة متكسبة من أدعياء العمل الصحفي مهمتهم تحسين وجوه أحزابهم وأنظمتهم بمختلف وسائل التعبير والفنون الصحفية وهم جاهزون دائما أما لمدح المقربين من السلطة التي يعملون تحت نهجها وسياساتها وتلميع القرارات والإجراءات الصادرة وتسويقها للناس باعتبارها أفضل ما صدرت حتى اليوم من تدابير تستهدف حسب زعمهم النهوض بحالة الوطن والمواطن وأما لذم وشتم الخصوم والمناوئين للأنظمة السياسية الحاكمة حتى وإن كانت وسيلة هؤلاء التعبير السلمي بمختلف أشكاله.
فالمعارض للسلطة يصبح بنظر هؤلاء خائنا وعميلا ومندسا ومجرما ولا تنسى أن تضيف له التهمة الشائعة في هذا الزمن وهي »إرهابي«!!
وقد برزت مؤخرا مجموعة من هذه الفئة عبر شاشات الفضائيات وصدر صفحات الصحف وخاصة بعدما اصطلح على تسميتها ثورات الربيع العربي فأصبح كل من ليس مع هذه الفئة هو بمثابة العدو الذي ينبغي أن تتجه إليه السهام بمقتل وأضحى وأمسى المشاهد العربي يمل طلعات هؤلاء »المجاذيب« وهم يحاولون أن يصنعوا من أنفسهم أبطالا وزعماء أمم يخونون هذا ويطالبون بإعدام ونفي ذاك لا تقديمه لمحاكمة عادلة إن كان صحيحا ما قذفوه بها من اتهامات والأكثر غرابة حينما تراهم يدعون إلى الخروج في مليونيات باسم الشعب وكأنهم أوصياء عليه.
أحدهم ظهر مؤخرا وهو يكيل الشتائم ضد الأستاذ المفكر الكبير محمد حسنين هيكل ونسى أن هيكل قامة سياسية وإعلامية كبيرة حفرت اسمها في ذاكرة التاريخ بملاحم ومواقف كبيرة فرضت نفسها في عقول أمم وشعوب لا تزال تتذكرها بفخر واعتزاز ونسى أنه مجرد مهرج سطحي الثقافة وتحليل الخبرة والتجارب.
قال الأستاذ عصمت سليم: لقد تفشت ثقافة الانتهازية والنفاق السياسي وتحولت إلى ظاهرة بسبب تفشي قيم الطائفية والقبلية والجهوية على حساب الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدل الاجتماعي.
وأشار إلى أن موظفي السلطة هم الأداة التنفيذية لسياسات الأنظمة المستبدة ففي ظل عدم تكافؤ الفرص والتهميش واللا عدل تبرز أصوات المنافقين الذين يطمحون إلى تحقيق المصالح السريعة ليس عن طريق قدراتهم وإمكانياتهم الإبداعية والإعلامية والثقافية ولكن عن طريق أسلوب تلميع الحذاء والنفخ عبر أبواق النفاق والتقرب من النخب الحاكمة أو المتنفذة.
أما الأستاذ عطا الله الجبور فيتحدث حول هذه الظاهرة الخطيرة التي استشرت في الدول العربية بقوله : لا بد من محاربة ثقافة الكذب والجبن ثقافة النفاق السياسي والثقافي لأنها ثقافة تدميرية تمس المجتمع في الصميم وهي تأتي من فئات يفترض أن تكون إلى جانب المجتمع لا عالة عليه أو عبثا يتحمله مشيرا إلى أن الناس لم تعد تثق بكل الجمل الرنانة ولا بالعبارات العسلية لأنها ترى بأم العين ما يجري على الواقع من نفاق وكذب وإدعاء كما أنها ترى كثيرا من الألسن الطويلة من أصحاب المقالات لا تتجاوز قاماتهم في صناعة القرار طول ألسنتهم.
ونحن هنا في اليمن ما أحوجنا إلى الاستفادة من دروس الأمس وعدم اللهث وراء مصالح ضيقة خاصة على حساب الحقيقة وصدق الواقع حتى لا نكون من أصحاب الدرك الأسفل!!
هامش
> في R