الإعلام وعلاقة اليمن مع الدول العربية
عبدالله علي النويرة
> العلاقات الدولية في مجملها علاقات تعتمد على المصالح المشتركة التي تحدد مدى قوة العلاقة من عدمها ومن يعتقد أن هناك علاقات مبنية على الاستلطاف والمحبة الخالصة فإنه واهم ويقال أنه في العلاقات الدولية ليس هناك عداوة دائمة ولا مصالحة دائمة وإنما هناك مصالح دائمة وبقدر مصلحة الدولة مع دولة أخرى يتم تحديد قوة العلاقة من ضعفها هذا بصورة عامة ولعل الكل يدرك ذلك.
ومع أن العلاقات العربية – العربية قد لا تشذ عن هذه القواعد مع بعض النتوءات والاستثناءات إلا أن هناك خاصية أخرى تميز هذه العلاقة وهي العلاقة الشخصية والاستلطاف الشخصي بين قادة الدول فقد تكون هناك مصالح قوية تربط هذه الدولة بتلك وقد تكون مصلحة الدولتين في تقوية الروابط بينهما واضحة إلا أن درجة الاستلطاف من عدمه بين قادة هذه الدول قد يكون حاسما في تحديد بارومتر العلاقة سلبا أو إيجابا وهذا ما أدركه أساطين السياسة في الغرب فربطوا مع بعض القيادات العربية علاقات شخصية تطغى في بعض الأحيان على العلاقات الدبلوماسية وتحقق للدول الغربية الكثير من المكاسب التي لم يكنونوا يحلمون بها لو أن العلاقات الدبلوماسية هي فقط التي تحكم علاقات دولهم مع هذه الدول.
هذه مقدمة ليست غائبة عن ذهن الكثير من أساطين السياسة لدينا بطبيعة الحال ولكنها قد تكون غائبة عن فطاحلة الإعلام الذين يغرفون من بحر الكلمات ويقومون برمي سهامهم يمينا وشمالا دون ان يحسبوا حسابا لما سيترتب على هذه السهام التي قد تكون حارقة ومؤذية ودون أن يعوا ما سيترتب عليها من أضرار للوطن لسنا بحاجة لها وهي لن تقدم ولن تؤخر في الواقع الذي نعيشه وهذه الأضرار لو اقتصرت على الوضع الداخلي والأطراف الداخلية لكانت مقبولة ويمكن تحملها ولكن المشكلة تكون مؤذية ومدمرة عندما تكون مع أطراف خارجية تتحسس من كل كلمة تقال عنها.
ونحن هنا لا نطالب بتكميم الأفواه والسكوت على الباطل وإنما نقول إن على الإعلاميين أن يبتعدوا عن المناكفات التي يفتعلها البعض انتصارا ليس لليمن فحسب وإنما انتصارا لأطراف خارجية هي في حقيقة الأمر أقدر على أن ترد الصاع بصاعين وما تناولاتنا نحن لهذه المواضيع سوى نوع من الهرطقة التي لا تسمن ولا تغني من جوع وتتسبب بأضرار كبيرة تعود علينا دون أن يكون لما نقوم به أي مردود إيجابي على الاطلاق وإنما هي تصرفات يقصد منها تسجيل موقف هذا الطرف أو ذاك دون النظر إلى الصورة من جميع الزوايا ودون مراعاة للصالح العام أو عمل توازن بين المردود السلبي أو الايجابي الذي سينتج عن ما تتناوله وسائل الإعلام والإعلاميون الذين نجد أن البعض منهم يساير الجموع دون إدراك للآثار السلبية التي قد تعود على الوطن.
إن المجتمعات العربية لم تشب عن الطوق بعد ولا زال موضوع هجاء المتنبي ومدح البحتري يتحكم في عقول الغالبية العظمى منا حكاما ومحكومين وهذا ما يجب أن نعيه ونتعامل معه كواقع معاش لا يمكن إنكاره وإذا كان هذا هو حالنا فلماذا لا نتحرك في نفس الإطار ونتجنب استعداء هذه الدولة أو تلك دون أن يكون هناك أي داعي لهذا الاستعداء وضرره أكثر من نفعه.
لقد ولى زمن الشعارات الطنانة والبراقة التي كنا ننام ونصحوا على أوتارها وأصبحنا اليوم في عصر العولمة وتداخل المصالح وتشابكها وبدون أن يكون للكلمة قيمتها ويكون لها معنى راق وهدف سام فإنها تكون فاقدة الأهلية للسير في طريق مصلحة الوطن بل وستكون معول هدم في جدار الوطن.