تعزيز ثقافة التكافل الاجتماعي الاقتصادي والتنموي

أ.د طه أحمد الفسيل

 - بعد عيد الفطر المبارك تكررت على مسامعي "يا ليت والسنة كلها شهر رمضان" يرددها الكثير من الفقراء والمحتاجين كون الناس عادة ما يكونوا كرماء جدا معهم خلال هذا الشهر الكريم

بعد عيد الفطر المبارك تكررت على مسامعي “يا ليت والسنة كلها شهر رمضان” يرددها الكثير من الفقراء والمحتاجين كون الناس عادة ما يكونوا كرماء جدا معهم خلال هذا الشهر الكريم وغالبا ما كانوا في غنى عن مشقة سؤال الناس. مع انقضاء هذا الشهر الكريم شح الخير الأمر الذي لفت انتباهي إلى أهمية تعزيز ثقافة التكافل وتوضيح أبعاده على والعمل على مأسسته تنظيميا ليكون الخير مستمرا طوال شهور السنة.
ويتسع نطاق مفهوم التكافل الاجتماعي في وقتنا المعاصر ليشمل الأدوار والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والتنموية التي يقوم بها أفراد المجتمع ومنظمات المجتمع المدني -بما في ذلك القطاع الخاص ومنظماته ومسئوليته الاجتماعية- والتي تسهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تنمية المجتمع ومساعدته على حل المشاكل الاجتماعية والتنموية والاقتصادية التي يواجهها وبما يؤدي إلى تحسين رفاهيته وخاصة في ما يتعلق بالحد من البطالة والتخفيف من الفقر من خلال الالتزام الديني والأخلاقي الطوعي تجاه المجتمع. وبالتالي يتجاوز مفهوم التكافل الاجتماعي الدور الاجتماعي الخيري الذي يتسم بأنه قصير الأجل كون صوره تتركز في تقديم مساعدات مالية أو عينية فورية لفئات بعينها (الفقراء والمعوزين وذوي الدخل المحدود….وغيرهم) ولمرة واحدة سنويا أو خلال المناسبات والأعياد الدينية إلى الدور الاقتصادي الذي يستهدف معالجة بعض المشاكل الاجتماعية مثل الفقر والبطالة من خلال خلق فرص عمل وبرامج تدريب وتأهيل وكذلك تقديم قروض قصيرة الأجل بشروط ميسرة للمشاريع بالغة الصغر. كذلك يتسم الدور التنموي للتكافل بامتداد سنواته إلى الأجل متوسط (وكذلك الأجل الطويل) كونه يساهم في تنمية القدرات البشرية وايجاد فرص عمل من خلال إنشاء واستكمال مشاريع تنموية صحية وتعليمية وبعض المرافق الأساسية إلى جانب دعم مشاريع الأسر المنتجة ماليا وفنيا وكذا تقديم قروض ميسرة متوسطة الأجل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى تقديم خدمات التدريب المهني والحرفي للأعمال والمشاريع الإنتاجية (سلعية أو خدمية).
وتستند أهمية الدور التكافلي (الاجتماعي والتنموي والاقتصادي) في مساهمته في تعزيز العدالة الاجتماعية من خلال تحسين نمط توزيع الدخل والثروة داخل المجتمع خاصة في ظل ظروف تغيب فيها عدالة التوزيع وينتشر فيها الفقر والبطالة وكل ذلك يؤدي إلى تعزيز التماسك والتوازن الاجتماعي داخل الدولة وبالتالي المساهمة في تعزيز وترسيخ الهوية الوطنية والولاء الوطني كون التماسك الاجتماعي يشكل ضمير المجتمع كما يجسده سلوك أفراده . كذلك تساهم العدالة الاجتماعية في تحقيق وضمان التوازن الاجتماعي على مستوى النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأمر الذي يؤدي إلى خلق بيئة ومناخ استثماري مؤات وبما يساهم في حفز النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاجية . والعدل الاجتماعي يرتبط بالقيم الدينية والاجتماعية والثقافية التي تحدد صيغ وسلوك فعالية الحياة في أي مجتمع.
وبالنسبة للمجتمع اليمني ما تزال أنشطة التكافل الاجتماعي تتركز على الجوانب الخيرية مثل توزيع المساعدات الخيرية والصدقات للمحتاجين بصورة مباشرة وخاصة في المناسبات والمواسم الدينية بالذات خلال شهر رمضان المبارك. وفي المجال التنموي الاجتماعي تتركز أنشطة التكافل الاجتماعي على بناء وفرش المساجد المشاركة أحيانا في بناء بعض المدارس الصغيرة و/ أو تأثيثها. وفي ظل تفاقم الاختلالات الاقتصادية والمالية وتدهور مستويات المعيشة في المجتمع اليمني فإن الصدقات والزكاة والتبرعات التي يقدمها الموسرون والأغنياء من أبناء المجتمع وبالذات التجار ورجال الأعمال والأغنياء ساهمت في جعل ظاهرتي الفقر والبطالة أقل حدة واتساعا وأنه لولا التكافل الاجتماعي لكان الوضع أشد سواء مما هو عليه الحال القائم حاليا.
ولذلك فإنه نظرا لما تتسم به أنشطة وجهود التكافل الاجتماعي في اليمن حاليا من تركيز واهتمام غالب على الأنشطة الاجتماعية الخيرية وبالفردية والعشوائية في الإدارة (باستثناء بعض الحالات) وبعدم انتظامه وبالتالي بروزه في مواسم معينة (شهر رمضان الكريم عيد الأضحى المبارك) يمكن في هذا المجال تقديم بعض المقترحات الأولية والتي سوف تساهم في تعزيز ثقافة التكافل الاجتماعي والتنموي في المجتمع اليمني وذلك كما يلي:
1- إنشاء مؤسسة وطنية للزكاة والوقف بمشاركة منظمات القطاع الخاص والجمعيات الأهلية الخيرية والتنموية الأمر الذي سوف يساهم في تعزيز وغرس قيم التكافل الاجتماعي والتنموي بصورة مؤسسة.
2

قد يعجبك ايضا