مصر بين الاستخدام المفرط للأزمة والاستهلاك المفرط للحلول

عبد الرحمن محمد طاهر

 - نخاف على مصر والمصريين من الاستغراق في الأزمة والمراوحة على مواقف أطرافها المتمرسة والاستمرار في الاستهلاك المفرط للوقت وتجاوز الحلول المطروحة الآن وقد بات الوضع من الخطورة ما يحتم التضحية المشتركة للوصول لحوار جاد كضرورة وطنية لإطفاء شعلة
نخاف على مصر والمصريين من الاستغراق في الأزمة والمراوحة على مواقف أطرافها المتمرسة والاستمرار في الاستهلاك المفرط للوقت وتجاوز الحلول المطروحة الآن وقد بات الوضع من الخطورة ما يحتم التضحية المشتركة للوصول لحوار جاد كضرورة وطنية لإطفاء شعلة أزمة سياسية طاحنة يزداد أورها يوما بعد يوم ويتكاثر جمهورها من الطرفين من مصر وخارجها كجمهور رياضي, فبعض هؤلاء لا يفرقون بين (السيسي وميسي) وبات من واجب الإخوة العربية والأصدقاء المشاهدين من الغرب التدخل بقوة لكبح عجلة التدهور نحو العنف فلا خير من أخ أو صديق لم يظهر عند أزمة أو ضيق أو هكذا ما يفترض أن تكون عليه العلاقات بين الدول كما هي عند الأفراد.. أما الحسابات الضيقة والخاصة فليست مفيدة الآن والتمادي في دعم طرف على حساب الطرف الآخر قد يدفع باتجاه العنف والعنف المضاد وقد ظهرت بوادر ذلك ,كما ظهر خطر التمترس خلف المواقف المتصلبة التي دفعت بالأوضاع إلى هذا المستوى من التأزيم وتفجير الوضع وانسداد أفق الخروج من المأزق ..!!
* أقول ذلك ليس من الحرص والخوف على مصر وحسب بل ومن تداعي التأثيرات السلبية على المنطقة وعلى الجميع على المدى القريب والبعيد سيما والحرب في سوريا تزداد اشتعالا والتجاهل الإقليمي والدولي يدفع سوريا نحو مجهول بلا نهايات واضحة ,فضلا عن أن الأوضاع غير المستقرة في المنطقة هي السمة البارزة بخاصة في دول الربيع العربي التي يراد بها (بصفة خاصة) أن تتحول إلى أمثولة سيئة أو أنموذجا لا يصلح ولا يشجع على الاحتذاء والمحاكاة ..!!
بشأن مصر ـ كأنموذج ـ فالخوف أن تتمادى أكثر مؤسستا الجيش والقضاء ـ وقد عرفتا بالاستقلال والنزاهة والحيادية ـ في الغرق في مستنقع السياسة القذر فذلك يطيح بتاريخهما المشرف لمصر وللمصريين فضلا عن أن السياسة ليست بالمهنة السهلة التي يمكن اللجوء لها عند الحاجة فقد يصعب الخروج الآمن والمشرف منها وفي الوقت المناسب ..
* لقد بدا واضحا الآن أن الجيش أغرق مصر في أزمة طاحنة كان يمكن تفاديها بأيسر الطرق الديمقراطية وأراد الجيش أيضا توريط القضاء في ممارسة السياسة من خلال إصدار أحكام سياسية فقد تحولت تهمة التخابر مع حماس إلى أضحوكة تتجنبها إسرائيل ذاتها وهذه لن تسقط ـ كغلطة الشاطر ـ بالتقادم (وقد تتحول لمادة خام لرسامي الكاريكاتير في مصر).
سيسهل على الجيش الآن فقط الخروج من مستنقع السياسة إذا ما تراجع عن ما أقدم عليه أولا 2013/7/30م وقد بات السيسي يتصدر المشهد السياسي ويمارس الضغوط على الرغم من تعيين رئيس وحكومة مؤقتة وقد أظهر الجميع التخبط وعدم الخبرة ـ كما الإخوان في الحكم ـوهم مغيبون عن المشهدين الإعلامي والسياسي وهو ما يؤكد إنفراد الجيش بالعملية السياسية منذ البداية في حين يبدو الريس المؤقت وحكومته في مأزق حقيقي لايحسدان عليه وهذا مابدا عليه المشهد للمتابع من خارج مصر على الأقل ..
* لقد بات الإعلام اليوم صانعا للأحداث وللمواقف أيضا ولم يعد ناقلا مجردا ومتجردا وأمينا ونزيها للأحداث فضلا عن استخدام الإعلام كأداة سياسية لتوجيه الرأي العام باتجاه مصالح سياسية معينة تلجأ للي أعناق الحقائق بتعسف شديد وبات استخدام المال في الإعلام الوسيلة الأنسب لحرفة عن مهنيه لتغييب العقل والمنطق بقصد استغفال المشاهدين والتلاعب بعقولهم عبر ممارسات مكشوفة ووسط خضم الأحداث المتلاحقة والمتضاربة للتلاعب بعقل المشاهد والذهاب بعقله بعيدا عن الحقيقة وهو ما أظهرته الأزمة المصرية بوضوح كما أظهرت أيضا التعصب الأعمى لإعلاميين مخضرمين ومعروفين اعتقدنا ذات يوم أنهم معلمين بمدارس مستقلة للإعلام وباتوا اليوم ـ كتلاميذ صغار ـ مساهمين في تغييب العقل العربي وتزييف الوعي ناهيكم عن التلاعب بعقول البسطاء من المتلقين للغث والثمين ومن كل حدب وصوب..
أما في السياسة فالاعتقاد سائد أن تدخل أطراف إقليمية ودولية في الأزمة المصرية قد أشعل أوارها وزاد من حدة الاستقطاب والتمترس الداخلي غير المجدي وهذا بدوره صعب الخروج السريع من الأزمة الراهنة وقد يدفع ذلك بالأطراف المعنية إلى العنف الذي سيصعب السيطرة عليه لاحقا فالعنف لا يورث إلا العنف والتمترس خلف الأطراف المعنية بالأزمة قد يؤدي إلى حرب بالوكالة وبالأصالة- لا سمح الله ـ سيصعب السيطرة عليها وخير مثال وشاهد على هذا الاستنتاج ما يحدث الآن في سوريا ..
* ويقتضي المنطق والعقل أيضا الربط بين ما يجري في مصر اليوم وما جرى الشهر قبل الفائت في قطر إذ كان الأمر قد بدا مجرد نقل سلطة من الأب حمد

قد يعجبك ايضا