الأطفال ينعون شاعرهم الأول سليمان العيسى

حسن أحمد اللوزي

 - كان لا يعجزه الكلام الجميل المنظوم شعرا وزجلا منذ ريعان شبابه وكان يجد الإلهام بالشعر في كل شيء في حياته من أصغر نبتة زعتر عبقة أو في أي موقف بسيط دال وكأن الحياة من حوله رد فعلها الشعر وليس الشعر كالصدى والظلال وانما كحياة ث
كان لا يعجزه الكلام الجميل المنظوم شعرا وزجلا منذ ريعان شبابه وكان يجد الإلهام بالشعر في كل شيء في حياته من أصغر نبتة زعتر عبقة أو في أي موقف بسيط دال وكأن الحياة من حوله رد فعلها الشعر وليس الشعر كالصدى والظلال وانما كحياة ثانية¿! وكان يحلم ان تتردد كلمات أناشيده المصاغة بعناية خاصة على ألسنة وشفاه الأطفال في الوطن العربي من الخليج العربي الى المحيط الأطلسي وأن تسكن في قلوبهم وتحصن شخصياتهم وتدفق إكسير الإباء والنخوة في عروقهم وضمائرهم وأعظم ما كان يناضل من أجله ويحلم به هو بعث الوجود العربي الفاعل والمنتج والمبدع والذي انطمر تحت ظلام القرون البائسة منذ أمد بعيد وما يزال للأسف الشديد.
لقد كان شاعرا بالسليقة وبكل المعاني والأفكار التي تدل على هذه الحقيقة فأبسط وأروع ما يقوم به هوالشعر بل إنه كان يعيش حياته شعرا ولفيضه الابداعي المتدفق كان يكتب الشعر للتسلية “أنظر ديوان (الشعر الضاحك)” ولمن يعرفه عن قرب يراه ملء العينين ممتلكا لجميع الانساق الشعرية العربية في صورة قوالبها المتعددة وبحورها الزاخرة واقفة كالبنيان المرصوص على عتبة مخيلته وعلى أبواب ملكة إبداعية حية تنتظر الانتظام في عقود مبهرة ما ان يمرر عليها الكلمات والأفكار والتصورات ليأتي ثمارها شعرا تلقائيا رائعا وجميلا ومتميزا به . وبالرسالة الابداعية والفكرية التي جاهد من أجلها ووهبها عمره الثري المعطاء وكان لوطنه المهد الاول للعرب (اليمن) نصيب وافر وغني في ذلك حتى غدا ما أبدعه في اليمن ولليمن مرحلة جديدة متميزة في شعره الأصيل وقد قيل أنه توقف عن كتابة الشعر فترة طويلة حتى كانت زيارته لليمن وإقامته مع زوجته الاستاذة الجليلة الدكتورة ملك أبيض فاتحة جديدة لإعادة صلته العميقة بالشعر والفكرفازداد تعلقا بها وبأهله فيها وكان لا يريد ان يغادرها حتى الى وطنه الغالي الحبيب وفي ثمالاته ويمنياته تتردد الإشارات واللواعج!!
فما من إنسان عربي إلا وله علاقة روحية ووجدانية بالوطن العربي المهد اليمن ولا تلبث هذه العلاقة ان تجد طريقها الى الوضوح والتجلي بأعظم المشاعر وأصدق وأروع العطاءات بالنسبة للشعراء والأدباء والكتاب الذين تتاح لهم الفرصة لزيارة بلدنا وفي المقدمة من توفرت لهم الأسباب للمكوث والاقامة التي تتيح لهم مجالات أوسع للدخول في علاقات العمل والمعاملة والعشرة والمعرفة البينية… إلخ.
وهذه الحقيقة هي التي أينعت وأثمرت تلك النتائج الإيجابية الرائعة في حياة وإبداع الأديب والشاعر العربي العملاق سليمان العيسى فما من منطقة في بلادنا أقام فيها أو زارها إلا واشتبك معها في علاقة وجدانية وإبداعية حميمة وانفعل بها بكل حواسه ومشاعره وثقافته ومعرفته الثرية فوجدت لها السبيل الأروع للخلود في العشرات من قصائده الرائعة لتظل بصمات متميزة في المكتبة الشعرية اليمنية والعربية وفي هذا الجانب من عطاء الفقيد الكريم مجالات متاحة للكتابة والدراسة والاستنتاج.
وهنا لا بد لي قبل أن أختم أن أكتب سطورا حول الصفة الفريدة والعزيزة إلى قلبه والتي كان يحب أن ينعت بها وهي شاعر الأطفال وقد عرف بالرائد والمؤسس لقصيدة الطفل وحفظ وأنشد ملايين الأطفال الاناشيد الرائعة التي كتبها لهم ودعاهم فيها إلى التمسك بالخلق العربي الأصيل وبالمثل والقيم العربية الراقية وتغنى بالانتصارات والأمجاد العربية والتي تضمنتها العديد من إصداراته القيمة “ديوان الأطفال” “أناشيد للصغار” “نشيد الحجارة” “أغنيات صغيرة” فله أكثر من عشرين مؤلفا للأطفال وفي تنمية ثقافة الطفل بما فيها الأعمال التي ترجمها هو وزوجته الفاضلة الدكتورة ملك أبيض من القصص والروايات والقصائد العالمية الموجهة الى الاطفال وأخصب بها المكتبة العربية إلى جانب إسهامه في تأليف المناهج المدرسية في عدد من الأقطار العربية ومد التلفزيون بعدد من الأعمال منها مسلسل شعري للأطفال, لذلك حق له أن ينعيه الأطفال العرب وأن يحزن لرحيله كل المثقفين والمشتغلين بالثقافة والتربية والمختصين بثقافة الطفل العربي بصورة خاصه.
وقد استطاع الراحل الجليل بكل ما قدمه وأعطاه أن يقيم علاقة مبكرة وهادفة بين الطفل العربي والكتاب كوسيلة مهمه لإشباع حاجاته المعرفية والترفيهية وتنمية وعيه وصقل مداركه وقدراته الإنسانية الخلاقة!!
لذلك كله لم يمت سليمان العيسى شاعر الأطفال ولكل ما قدمه لأطفال العروبة ولثقافة النشء الجديد فهو باق تتشكل بجذوات الإيقاظ والتنوير التي بثها فيهم وأنعم بها عليهم في مائدة عامرة خاصة بهم تتشكل ضمائر الأجيال وينصقل وجدانهم ويق

قد يعجبك ايضا