الثورات.. والأثر الاجتماعي والسياسي

عبدالرحمن مراد

مقالة


 -  من البديهي القول أن الثورات تحدث تبدلا في شكل العلاقة بين الدولة والمؤسسات الاجتماعية والثقافية وبين فرق وطوائف المجتمع فالتبدل والتغيير من خاصية الثور
عبدالرحمن مراد –

مقالة

من البديهي القول أن الثورات تحدث تبدلا في شكل العلاقة بين الدولة والمؤسسات الاجتماعية والثقافية وبين فرق وطوائف المجتمع فالتبدل والتغيير من خاصية الثورات والهزات الاجتماعية العنيفة التي تحدث وفق فطرة الله في التدافع خوف الفساد والثبات ووفق فطرته وإرادته في إحداث الانتقال من طور إلى آخر في حياة بين الإنسان ولذلك شهدنا تموجات اللحظة الفكرية العربية التي تغوص في أثر التطورات والتي تناقش جدلية الاندماج الاجتماعي والاندماج السياسي للجماعات والأحزاب والطوائف ففي نهارات ثورة 25 يناير في مصر كان الفكر الاجتماعي يتحدث عن جدلية الاندماج الاجتماعي والسياسي للأقباط بعد صعود رموز تيارات الإسلام السياسي إلى مؤسسات الدولة وتواتر الحوادث الطائفية وتغاير الخطاب السياسي والثقافي وتبدل شكل العلاقة بين الدولة والمجتمع وتراجع مؤشر دولة القانون وفي مثل تلك المناخات القائمة والضبابية التي مر بها المجتمع المصري كان من الضرورة بمكان أن تزداد الولاءات للانتماءات الأضيق وتنشط حركة التحيز والاصطفاف والاستقطاب وفي ظل الشعور العام بتلاشي الطابع التعددي لصالح الأحادية الفرعونية القائمة على مبدأ ما أريكم إلا ما أرى وتنامي الشعور بالعزلة والاغتراب والإقصاء انفجرت ثورة 30 يونيو كنتيجة طبيعية لمقدمات منطقية وبالضرورة حدث تبدل وتغيير في شكل ومضمون العلاقة بين الدولة والمجتمع وأصبح الحديث مركزا حول حالة الانقسام في المجتمع المصري وأصبح تفكير الفكر الاجتماعي مركزا على حالة الاندماج السياسي والاجتماعي للجماعات والتيارات الإسلامية السياسية وبدأ بعملية التفكيك للمنظومة الثقافية المتصمدة وللمنظومة البنائية الهرمية لتنظيم وبشكل متغاير عما كانت عليه أو كان عليه المنهج الفكري في التناول والتحليل والمعرفة.
انتجت الحالة الكيمائية التفاعلية للأخوان حركة التباينات كظاهرة طبيعية وبفضل تلك التباينات في المواقف والرؤى عرفنا كثيرا من الأسرار للتنظيم الدولي فالبناء الهرمي للتنظيم ليس بناء عشوائيا ولكنه متقن السبك فالعضوية في التنظيم تتدرج من أدنى إلى الأعلى وفق منهجية تنظيمية تراتبية فدرجة عامل في التنظيم لا يمكن الوصول عليها بالسهولة التي نظن ولكنها تمر بمنعطفات كثيرة وحين تغوص في دهاليز البنية التنظيمية تكشف أن عالما من الطلاسم والغموض يكتنف التنظيم وكأنهم قد أخذوا من كل تجربة بطرف فالباطنية في غموضها وانكفائها على ذاتها وفي عملية التدرج والتوحد تكاد أن تجدها في قيمتها الثقافية والسياسية وليس العقائدية والأحزاب الطلائعية والتقدمية ذات البعد العقائدي كالبعث مثلا تكاد أن تلمحه تنظيميا طبعا وليس فكريا فالقيادات الظاهرة للتنظيم لا تدير التنظيم بحسب إفادات بعض القيادات الإخوانية المنشقة بل تديره قيادات باطنة وغير ظاهرة تجاوزت الدرجة التنظيمية الظاهرة درجة عامل وشواهد مثل ذلك كثيرة فياسين عبدالعزيز في اليمن هو من تلك القيادات الباطنة للتنظيم وثمة معلومات عن أسماء قيادات التنظيم لا تحضرني لحظة كتابة هذا الموضوع ولا أظن أمرها يعنينا في السياق إذ أن ما يعنينا هو الأثر الذي سوف تتركه ثورة 30 يونيو فالظاهر أن المعادلة الوجودية قد تغيرت فالذين كانوا موضوع الاندماج الاجتماعي والسياسي كالأقباط والتيارات العلمانية خوف توغل التيار السياسي الإسلامي في مفاصل السلطة أصبحوا الآن هم الأكثر اشتعالا بدمج التيار الإخواني في البنية الاجتماعية والسياسية فحالة الانقسام وحالة الانكفائية على الذات والتمحور حولها سمات بارزة في البنية التنظيمية كما سلف معنا وفي البنية العقائدية والثقافية فالاستعداد النفسي والوجداني للاندماج الاجتماعي والسياسي يكاد يكون منتفيا إذ أن جل التجارب دلت على استحالة التفاعل بين الجماعة جماعة الإخوان وبين الآخر سواء كان الآخر الذي يتجانس ثقافيا وعقائديا أو الآخر المغاير وفي حالة الاضطرار لا تعدم أن تجد خوفا وتربصا وتقية.
وحين نتحدث عن الاندماج فنحن نبحث عن الوسيلة المثلى لدعم قيم التسامح وقبول الآخر والاعتراف بوجوده والتعايش معه واحترام معتقداته وثقافته فالحاجة إلى إدماج كل الطوائف والفرق والجماعات في إطار المواطنة الحقيقة أصبح ضرورة من أجل توطيد الروابط الاجتماعية والمشاركة في النشاط الاجتماعي المتنوع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبما يحقق الاستقرار والشعور بالوجود فالتعدد ظاهرة محمودة وهو واحد من مصادر القوة إذا تم تفعيل حقوق المواطنة واحترام الهويات المختلفة داخل الدولة وقد قيل إن التنوع قد يكون مصدرا لثراء المجتمع ولن يكون عائقا أمام تنميته إذا أحسنا التعامل مع

قد يعجبك ايضا