ثورة يوسف ذو نواس الحميري
محمد صالح الحاضري
محمد صالح الحاضري –
> امتدت ثورة يوسف ذو نواس الحميري ما يقارب العشر سنوات من 515إلى 525م كانت الأوضاع فيها متأثرة بالاختراق الخارجي وكان مخطط الاختراق متركزا في نجران وعدن مينائي التجارة البرية والبحرية فكانت عسير تحت تأثير الاختراق على وشك الانفصال وكانت عدن خارج سلطة الدولة الحميرية وكذلك كانت يريم قد اعلنت نفسها دولة لها دين خاص هو نفس دين الجهة الأجنبية المخترقة للأوضاع اليمنية فأصبح الاختراق يتركز في الشمال والوسط والجنوب أما مارب فكانت ضد صنعاء على خلفية انتقال مركز النفوذ الوطني من مارب والجوف إلى النهضة فكانت تسمي يوسف ذو نواس حاكم صنعاء والحقيقة أن ظروف مارب كانت تغيرت بفعل الشروط الموضوعية على عكس شبوة مثلا وهما متقاربتان وفي خط جغرافي واحد بالمشرق شمال شرق وجنوب شرق فشبوة حافظت على أهميتها داخل الشروط الموضوعية باعتبارها ميناء فنلاحظها في العصر الحميري كانت وما جاورها عاصمة للدولة في عهد شمر يهرعش وقبله ربما عاصمة ناشر يهنعم بينما مارب توقف نشاطها الوطني كعاصمة منذ انتقال مركز الدولة إلى النهضة فكانت قبلها عاصمة أيام مملكة سبأ وأظنها كانت عاصمة اقليمية أو عاصمة مركزية بحسب ظروف الحالتين داخل النشاط التاريخي لمملكة سبأ على افتراض انها كانت تضم اقليم الحبشة فلا يمنع أن عاصمة الدولة في فترات كانت تنتقل إلى الإقليم الأفريقي ومارب بالإقليم الآسيوي تتحول إلى عاصمة اقليمية واعتقد أن عدم تحول مارب إلى عاصمة طوال فترات العصر الحميري إلى جانب أنها كانت منطقة المركز التاريخي لديانة الشمس إلى درجة أنها بمعابدها الكبيرة والنوعية كأنما كانت مركزا دينيا شمسيا يعطيها مفهوما جغرافيا مقدسا عند السبئيين فلم نلحظ في العصر الحميري مؤشرات انتقال ماربي إلى الديانة التوحيدية السائدة بالهضبة فكانت دراسة النقوش بمارب تجمد القراءات الدينية التاريخية عند عبادة اليمنيين للشمس والقمر لضعف آثار الديانة التوحيدية في الهضبة نتيجة تصفية الديانات لآثار بعضها فتمحي الديانة اللاحقة آثار الديانة السالفة.
أن كل تلك العوامل كانت سبب موقف الماربيين من حاكم صنعاء حسب ما طالعنا من موقف ضد يوسف ذو نواس كأبرز ملوك الهضبة التوحيديين فيظهر من ذلك كأنما مارب تفرد خارج السرب لأسبابها الخاصة كأسباب لها وجاهتها مقارنة بتغريد مناطق الاختراق الأنجيلي »الحبشي« خارج السرب لأسباب تفتقد إلى الوجاهة وإنما أقرب إلى تغريد الطابور الخامس خارج السرب الوطني.
إن يوسف ذو نواس الحميري ثار ضد كل تلك الأوضاع السلبية فكانت ثورته أساس وصوله إلى السلطة على انقاض بقايا النظام العقيم للسلالات الملكية غير الكفوءة وغير المتمتعة بروح المسؤولية الوطنية فكانت وراثة السلطة قد رهنت البلد للورثة الضعاف منذ قيام عمرو اسعد الكامل بقتل اخيه حسان الشهير بالتبع حسان في شكل للصراع على السلطة وحشي لم تعهد حميرون »حمير« فعلق على ذلك القائد العسكري للجيش ذو رعين الحميري ببيت من الشعر اشتهر في التاريخ اليمني يقول مقطعه الأخير يوم (إذا ما حمير قتلت اخاها فلا غفر الإله لذو رعين) ولكن ذلك القائد العسكري على براعته لم يحاول انقاذ الوضع بشكل وطني وإنما ذهب إلى بلاده يريم وأسس فيها دولة ويبدو أنه كان اعتنق الديانة الأنجيلية وتحالف مع مركزها الحبشي واصبح يتواجد في منطقته مقاتلين احباش والوضع المسمى بالاختراق الواقع في̷