الدكتور الشعبي: كان النبي يجتهد في العبادة خلال العشر الأواخر من رمضان ويحث على نفحاتها التي لا يشقى بعدها أحد
لقاء أمين العبيدي
لقاء/ أمين العبيدي –
> ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر.. لقد رفع الله قدرها وأعز مكانتها وشأنها فالعبادة فيها تعادل عبادة »83« سنة قال تعالى: (إن أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر) فالله تعالى قد جعل هذه المحطة العظيمة ليتسابق فيها المتسابقون ويسارع إليها المسارعون ويجد في رحابها المؤمنون الصادقون لتنهال عليهم الحسنات والدرجات الرفيعة.
يحدثنا الدكتور عبدالمجيد الشعبي أستاذ علوم القرآن بجامعة عمران عن أسرار هذه الليلة المباركة التي نحن في أيام استقبالها مبتدئا ببيان سبب تسميتها فيقول:
- سميت ليلة القدر من »القدر« وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم أي ذو شرف ولأنه سبحانه وتعالى يقدر فيها ما يكون في تلك السنة فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان اتقان صنعه وخلقه وكذا لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم »من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه« متفق عليه وقوله تعالى »فيها يفرق كل أمر حكيم« أي تقدر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجين والهالكين والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة.
والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر والله أعلم أنها تنقل في ليلة القدر مع اللوح المحفوظ.
ومعنى »القدر« التعظيم أي أنها ليلة ذات قدر لهذه الخصائص التي اختصت بها أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر وقيل »القدر« التضييق ومعنى التضييق فيها اخفاؤها عن قولهم بتعيينها وقال الخليل بن أحمد إنها سميت ليلة القدر لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة من »القدر« وهو تضييق لقوله تعالى »وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه« سورة الفجر »16« أي ضيق على رزقه.
والراجح من ذلك أنها سميت بذلك لعظيم قدرها وجلالة مكانتها عند الله فقط ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها فهي ليلة المغفرة كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري ومسلم.
وحول الحكمة من جعل ليلة القدر خيرا من ألف شهر يقول الشعبي: ليلة القدر هي في الليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان ومعنى كونها خيرا من ألف شهر بيان فضلها وأن العبادة فيها مضاعفة كعبادة العابد في ألف شهر فمن قامها فكأنما قام ألف شهر ومن ذكر الله فيها أو قرأ القرآن أو دعا فكذلك وهذا من فضل الله تعالى على هذه الأمة لما كان أعمارهم أقل وأجسادهم أضعف عوضهم الله تعالى بمضاعفة الأجر في هذه الليلة والله أعلم.
ويشير الشعبي إلى الأعمال والسنن المرفوعة عن نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في العشر الأواخر من رمضان وفيها ليلة القدر فيقول: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها ومن ذلك أنه كان يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر خلالها وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دخل العشر احيا الليل وايقظ أهله وشد أزره«