11 فبراير …ماذا حدث¿
عبد الرحمن بجاش
عبد الرحمن بجاش –
لفت نظري ما قاله ذلك المذيع في قناة (القاهرة والناس) معلقا: أينما يذهب المصري يجد من يقول له: لهجتكم حلوة, وأضاف: هي لا تتميز عن اللهجات الأخرى ولكن الفضل يعود إلى السينما وقد كانت فترة الستينات فترة العز لكل الفنون وخلاله عرفنا من خلال الروائيين يوسف ادريس ومحفوظ ,واحسان وآخرين كثر, وفي الصحافة فتحنا أعيننا على هيكل, وبهاء الدين وروز اليوسف وعلى مستوى السمع فقد أطربت الأذان والقلوب سيدة اللحن والكلمة أم كلثوم بنهج البردة, وطلع البدر علينا وحديث الروح والأطلال وألف ليلة وليلة, ومن غير السيدة جمعت آذان العرب في أذن واحد ظل ولا يزال وسيستمر يطرب للكلمة العظيمة, واللحن المبدع والنغم الأجمل وفي السينما شاهدنا رصيف نمرة خمسة لفريد شوقي والأرض لمحمود المليجي واسماعيل ياسين في الطيران ومتى تزوجت شويكار ونجلاء فتحي من على صفحات (الكواكب)!, ونقلتنا السينما المصرية إلى القرى والمدن والكفور والنجوع وغنينا من المحيط إلى الخليج أغنية السد ورددنا بعد الخال الابنودي رسالة حراجي القط إلى زوجته فاطنة من السد وتغنينا مع احمد فؤاد نجم وسمعنا أمل دنقل ولعبد الحليم سمعنا وشفنا وكوكبة عظيمه من فائدة كامل إلى نجاة الصغيرة (وطني الاكبر) الذي كلما أشاهده يرتفع شعر رأسي إلى الأعلى أما حين أشاهد (ناصر 56) أقسم أن دموعي تفلت غصبا عني!, والمسرح المصري كان له صولة وجولة من ينساهما ( وأعطني مسرحا أعطك شعبا مثقفا) وفي كتب المدرسة قرأنا التاريخ الفرعوني وعظمة الحضارة المصرية ورأينا الاهرامات وأبو الهول وبرج عبد الناصر, والقطاع العام لقد كانت سنوات الحلم الذي وئد فصرنا بلا حلم كل يجرنا في اتجاه! حتى أتت سنوات (الانفلاخ) الاقتصادي ليسيطر شباك التذاكر على العقل المصري والعربي ليشوش عقولنا وأفكارنا أفلام الـ(action) وهات يا عنف !, ولم نر بعد انتشار الجينز وقصات شعر تايسون سوى أفلام هزيلة لمحمد هنيدي ووصل الحال أخيرا إلى العراف لعادل أمام بلا فكرة ولا روح! أما الموسييقيين الكبار فقد تواروا تحت وطأة تحريم الموسيقى ورحم الله الشيخ محمد الغزالي الذي خرج عن جوقة التكفير لكن صوته ضاع في زحمة تحريم كل الفنون!, واليوم يعرض مسلسل الداعية وهو عمل أفضل من لا عمل يحاول أن يثبت في عقول الأجيال الجديدة ما حدث في ميدان التحرير بمصر و25 يناير2011م, وانظر فلان لا مسرح ولا سينما ولا فنون لدينا لا ندري ماذا حدث في 11 فبراير 2011م هنا, لا تدري من سيحدث الأجيال القادمة عن محرقة تعز, وجمعة الكرامة, والساحات في طول البلاد وعرضها ومسيرة الحياة, وعن شباب تاقوا إلى التغيير ويجري وأد فعلهم العظيم لأن لا حاضنة فنيه تسجل ما فعلوا, ولذلك فهذا الشعب يظلم مرتين! مرة بسرقة فعله وأخرى بتغييبه! لصالح نفس أدوات الصراع من العام 62م!, الآن الخلاصة أن لا لوحة, ولا مسرحية, ولا كتاب, ولا حتى مجلة للأطفال تقول للاتين: هذا الذي حدث! فقط متوفر لدينا مشائخ من كل الأحجام والألوان! ويقيني الذي لا يقين بعده أن بلدا بلا فنون بلد بلا مستقبل! وإذا كنا فقط سنظل مستسلمين لمن يتضاربون على صلاة التراويح أو مشغولين وشاغلين بالضم والسربلة فلن نرى مستقبلا إلا اظلم من سواد الليل وبلد بلا فنون بلد عقيم وشعب لا يقرأ ولا يدري وأدباؤه انخرطوا في السياسة والتحزب وعقمت أقلامهم فقد حكموا على أنفسهم بالموت .. فكيف ترون¿.