لا أرى في الدعوة إلى الانفصال حلا واقعيا للقضية الجنوبية العادلة لأنه خيار عدمي

حاوره محمد محمد إبراهيم


حاوره / محمد محمد إبراهيم –

>من يخلط الفيدرالية بفكرة الانفصال يقصد تشويه مضمونها وهذا خداع كبير للشعب

في قراءته الواقعية لمعطيات ما يجري من تحديات أمام مسار التسوية السياسية في اليمن قدم المثقف والسياسي المخضرم القيادي الاشتراكي البارز الأستاذ أنيس حسن يحيى تأصيلا دقيقا مشفوعا برؤى هامة يمكن لها الإسهام في معالجة الاختلالات التي رافقت مشروع اليمن الحداثي النهضوي العظيم المتمثل في الوحدة اليمنية التي استعادها اليمنيون في 22 مايو 1990م..
الأستاذ أنيس يحيى بما يملكه من حضور سياسي وريادي كشاهد ومساهم في صناعة تحولات الحركة الوطنية في اليمن فند في حوار صحفي خاص لـ”الثورة” كثيرا من الرؤى والشطحات التي تعكس جزر ومد التجاذبات السياسية على قاعدة وتركة ثقيلة من أخطاء الماضي وغياب الدولة المدنية الحديثة مشيدا بالخطوات التي اتخذتها القيادة السياسية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية والتي رغم بطئها إلا أنها كانت في اتجاهها الصحيح وكانت جريئة إذا ما قورنت بالظرف الاستثنائي الذي تسلم هادي فيه مهامه الوطنية الصعبة والجسيمة..
كما تطرق يحيى إلى جملة من المشكلات ذات الصلة بالقضية الجنوبية وبناء الدولة المدنية الحديثة والفيدرالية والبيئة الثقافية والاجتماعية.. وغيرها من القضايا…إلى تفاصيل الحوار:

* لنبدأ من ملف القضية الجنوبية التي دخلت طور الجدل السياسي العنيد.. فثمة من يراها حقوقية وآخر يعتبرها قضية هوية.. في وقت يرى الأغلب من نخبة المجتمع إن اليمن كلها جنوب- إشارة لجغرافية شبه الجزيرة العربية- ومن يعتبر القضية الجنوبية معضلة هوية يعيش خارج سياق التاريخ.. مؤكدين على أن ما شهدته المحافظات الجنوبية هو بسبب خلل إداري قانوني في المحافظات الشمالية والوسطى من اليمن.. فأين نجد الأستاذ أنيس يحيى من هذا الجدل ¿
-أولا ينبغي التأكيد على عدالة القضية الجنوبية. فقد بدأت كقضية حقوقية في بداية الأمر ولكنها تحولت إلى قضية سياسية بسبب تجاهل النظام السابق للمطالب المشروعة والعادلة للجنوبيين المتمثلة في المواطنة المتساوية. وكان لدى الجنوبيين شعور عميق ومؤلم بأنهم مواطنون من درجة ثانية وهم الذين كانت لهم دولة وعمق هذا الشعور الموجöع بالظلم قيام النظام السابق بنهب ثروات الجنوب. كما تعمق هذا الشعور بالظلم بسبب تجاهل لتلك المطالب العادلة للجنوبيين.. لتكتسب القضية الجنوبية- استتباعا لذلك- بعدا سياسيا يتمثل في الدعوة إلى انفصال الجنوب عن الجمهورية اليمنية. وإذا كنت أسلم بأن الدعوة إلى الانفصال خيار سياسي مشروع.. لكن لا أرى أي أفق واضح لهذا الخيار ولا أرى له مستقبلا.. نعم. إن خيار الانفصال خيار سياسي مشروع ذلك أن الوحدة ليست شيئا مقدسا. والشعار الذي رفعه النظام السابق: “الوحدة أو الموت” هو شعار لا يعني في جوهره إلا الحرب على الجنوب وهذا ما تجسد على نحو سافر في حرب صيف 1994م ولكني لا أرى في الدعوة إلى الانفصال حلا واقعيا للقضية الجنوبية العادلة. وأكرر القول بأن الدعوة للانفصال هو خيار عدمي إذ ليس له أفق وليس له مستقبل…
لقد أحدث الظلم الذي عانى منه الجنوبيون قدرا كبيرا من التشوش في وعيهم. كما أن ضغط هذا الوجع الذي كان يحس به الجنوبيون وراء اندفاع ببعض نشطاء الحراك السلمي الجنوبي إلى القول بأننا نحن الجنوبيين لسنا يمنيين وكأننا قدمنا من كوكب آخر.. وأجد في هذا القول: مجافاة لحقائق التاريخ التي لا يمكن العبث بها والتي تؤكد بأننا نحن الجنوبيين كنا وما زلنا يمنيين عبر التاريخ..
وكتعبير عن هذا “الوهم”: بأننا نحن الجنوبيين لسنا يمنيين. سعى بعض النشطاء السياسيين في الحراك السلمي الجنوبي إلى البحث عن “هوية” مميزة للجنوبيين وهذا “وهم” آخر لقد حولوا الخصوصيات التي تميز شعبنا في مختلف مناطق البلاد وإلى هوية.. أنا مثلا كمواطن من عدن أقول بأن للعدنيين خصوصية تميزهم عن سائر أبناء الجنوب وعن سائر اليمن عموما وتتمثل الخصوصية لأهلنا في عدن في اللهجة والعادات تحديدا وهذه الخصوصية لا ترتقي إلى مستوى الهوية. وهذا الأمر ينطبق على سائر محافظات الجنوب كم ينطبق على عدد من محافظات الشمال حيث نستطيع أن نلحظ بوضوح التمايز في الخصوصيات بين محافظة وأخرى.
* سياسيا.. كيف تفسرون التشرذم في كيانات الحراك الجنوبي ¿ وما هي أبرز المكونات الفاعلة والأكثر إيجابية..¿
– كان الحراك السلمي الجنوبي هو السباق إلى ثورات الربيع العربي ولكن يعاب على بعض مكوناته أنها لم تنجح في إدارة حوارات جادة ومكثفة في ما بينها. وبسبب غياب هذه الحوارات تسيدت النزعة الإقصائية عند بعض النشطاء في الحراك السلمي الجنوبي وتغذي قناة معينة الانقسامات داخل مكون

قد يعجبك ايضا