ماذا قال تقرير التنمية البشرية للعام 2013م عن اليمن¿!!
عبد الرحمن عبد الخالق
عبد الرحمن عبد الخالق –
إن تقع يداك على تقرير التنمية البشرية لعام 2013م الذي جاء هذه المرة تحت عنوان: “نهضة الجنوب: تقدم بشري في عالم متنوع” تقع في هوة لا قرار لها هي الفجوة التي تفصل اليمن عن محيطها الإقليمي وعن العالم في مجال التنمية البشرية وإن كان التقرير أشار إلى أنه خلال 2000 إلى 2012م سجلت البلدان ذات التنمية البشرية المتدنية التي تأتي اليمن -دون فخر- في طليعتها تقدما سريعا أسهم في تحقيق تقارب في أرقام الدليل بين مختلف بلدان العالم إلا أن التقرير عاد وقال عن وجود تفاوت ضمن مناطق الدليل وفيما بينها.
وإذا عدنا إلى وضع المرأة والمساواة بين الجنسين في اليمن كما أشار إليه تقرير التنمية البشرية ويزكيه الواقع المعاش لوجدنا اليمن تأتي في أسفل السلم (العرة) من حيث عدم المساواة بين الجنسين التي تشكل موضوعيا وحسب التقرير مسألة جوهرية وعنصرا أساسيا في التنمية البشرية والأبعاد التي أخذ بها التقرير لتبيان عدم المساواة بين الجنسين هي الصحة الإنجابية والتمكين والمشاركة في سوق العمل ويقول التقرير في هذا الصدد: (وكلما ارتفع دليل الفوارق بين الجنسين دل على وجود قدر مرتفع من التمييز واستنادا إلى بيانات عام 2012م عن 148 بلدا تتفاوت قيمة هذا الدليل تفاوتا شاسعا بين البلدان إذ تتراوح بين 0.045% في هولندا و 0.747 في اليمن بينما يستقر متوسط هذه القيمة عند 0.463%).
ولتبيان موقع اليمن في خارطة التنمية البشرية عربيا فقد أوضح التقرير أن المنطقة العربية تضم دولتين في مجموعة التنمية البشرية المرتفعة جدا هما قطر والإمارات وثماني دول في مجموعة التنمية البشرية المرتفعة هي البحرين والكويت والسعودية وليبيا ولبنان وعمان والجزائر وتونس وست دول في مجموعة التنمية البشرية المتوسطة وهي الأردن وفلسطين ومصر وسوريا والمغرب والعراق وثلاث دول في مجموعة التنمية البشرية المنخفضة هي اليمن وجيبوتي والسودان.
إن الدليل الذي يقاس عليه هو مركب يضم مؤشرات لرصد أبعاد ثلاثة هي طول العمر والتحصيل العلمي والتحكم بالموارد اللازمة للعيش الكريم. مع أدلة أخرى هي عدم المساواة والفقر والتمييز بين الجنسين. وهذا الدليل المعتمد معيار إن وقفنا عليه سنرى حجم الكارثة في التنمية البشرية في اليمن والإحصائيات الواردة بالتقرير تشير إلى ذلك بشكل جلي.
وأشار تقرير التنمية البشرية للعام 2013م إلى أن من الرسائل الرئيسية التي يطلقها التقرير وقبله التقارير السابقة للتنمية البشرية هو أن النمو الاقتصادي وحده لا يحقق تقدما تلقائيا في التنمية البشرية. فالسياسات المناصرة للفقراء والاستثمارات في إمكانات الأفراد بالتركيز على التعليم والتغذية والصحة والتشغيل هي التي تتيح إمكانات الحصول على العمل اللائق وتحقيق التقدم الثابت وهو ما يمكن القول أن اليمن فشلت في تحقيقه إلى حد كبير فبدلا من اعتمادها على سياسات مناصرة للفقراء اعتمدت على سياسة الإفقار وهذه السياسة المسنودة بالفساد أدت إلى اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء اتساعا مخيفا مما زاد الفقراء فقرا والأغنياء ثراء وجعل الطبقة الوسطى تنحدر إلى أدنى المستويات بل إن تم وضعها تحت حد سكين الفقر أما الاستثمارات في إمكانات الأفراد التي تعني الاهتمام اللازم بتعليم الإنسان وتغذيته وصحته وبالتشغيل بما يولöد قدرات على مستوى عال من الفعالية العقلية والنفسية والبيولوجية وهو ما لم يجد الاهتمام المرجو وهو ما يتبين من خلال الخلل العام على صعيد التعليم والصحة والتغذية والمعاش إجمالا.
ويقترح التقرير أخبرا أربعة مجالات للاستمرار بزخم التقدم الإنمائي وهي المساواة بين الجنسين وإعلاء صوت المواطنين وتمكينهم من المشاركة ومنهم الشباب ومواجهة الضغوط البيئية ومعالجة التغيرات الديمغرافية وهي أمور لن تحقق إلا بالاعتماد على ثلاث محركات هامة للتنمية البشرية هي: الدولة الإنمائية الفاعلة واختراق الأسواق العالمية والابتكار في السياسات الاجتماعية.
والدولة الإنمائية الفاعلة بهذا المعنى لا يمكن أن تكون إلا دولة مدنية تساوي بين مواطنيها كشركاء في بناء هذا الوطن وبين الجنسين كمواطنين وفي توسيع رقعة المشاركة السياسية والاجتماعية واعتماد العلم كرافعة أساسية لتقدم المجتمع ونماءه.
ولذلك آن الأوان للقضاء على بذرة اجترار الماضي بكل مساوئه واعتماده كمعيار فاعل في تسيير دفة وطن مغلوب على أمره.
> صدر بدعم من المكاتب الإقل