تجربة مرسي وصناعة الخصوم
عارف الدوش
عارف الدوش –
ثورات الربيع العربي سواء في تونس ومصر وليبيا أو في اليمن انفجرت ضد الطغيان والهيمنة والتسلط والغلبة التي مارسها حكام عسكريون صنعوا أحزابا وصرفوا على أعضائها الذين هم مؤيدون لهم ولسياساتهم من أموال الشعب فأقصوا الآخرين كقوى سياسية واستقطبوا من بينهم ديكورات للزينة ” تم تسميتهم في يمننا الحبيب “مشاقر” يتشقر بهم النظام.
كان نجاح حركة ” الأخوان” في مصر في الإنتخابات بادرة طيبة وتفاءلت جميع القوى السياسية المقصية في العالم العربي كونها جاءت إلى السلطة بانتخابات ستقوم ببناء قاعدة كبيرة واسعة من جميع القوى المقصية أولا كما ستقوم بصناعة كتلة تاريخية لبناء مصر الجديدة مصر المدنية الديمقراطية لا مصر ” الأخوان” فقط ولا مصر من لم يكن معنا هو ضدنا .
من الأخطاء التي يجب الاستفادة منها في دول ثورات الربيع العربي ومنها اليمن من تجربة مصر مرسي هو أن حركة ” الأخوان” في مصر غرتها السلطة وغرتها نسبة النجاح في الإنتخابات برغم أن الفارق بين مرشحها للرئاسة ومنافسه كان بسيطا 1% فبدلا من أن تبني كتلة تغيير ثورية مدنية قادرة على وضع أسس دولة جديدة بعقد اجتماعي جديد يحمي الدولة المدنية لعقود ويمنع عودة العسكر للحكم ويختلف عن ما كان سائدا في دول حكم العسكر قبل ثورات الربيع العربي وهو حكم دولة الغلبة بالقوة والمال قامت ببناء نموذج حكم الغلبة باسم الصندوق .
من الأخطاء الجسيمة التي اركتبتها حركة ” الإخوان ” في مصر انها طمعت بالسلطة والاستحواذ عليها فقبلت الدخول في الإنتخابات الرئاسية بدون دستور وبدون عقد إجتماعي يضمن حماية الديمقراطية ويمنع تغول الفائز بالإنتخابات على الآخرين فبدلا من سعيها أن تكون بداية وصولها للسلطة سواء في الرئاسة أو البرلمان بناء تحالف مدني واسع يحمي المدنية ويبدأ ببناء دولة المشاركة الشعبية دون إقصاء وممارسة سياسة الغلبة بصورة أخرى بدلا من غلبة العسكر التي قامت الثورات عليها جاءوا بغلبة ” الجماعة” فكلها غلبة سواء جاءت بالجيش والمال أو بغلبة الحزب والجماعة حتى وان جاءت بانتخابات .
يذكرنا ما جرى في مصر المحروسة بما حصل في الجزائر عندما فازت جبهة الإنقاذ الجزائرية ولم يكن فوزها يومها إلا تسجيل نهايتها والدخول في مربعات العنف باستدعائها العسكر بالعودة إلى الحكم من خلال ممارساتها حتى قبل وصولها للحكم عندما طالبت الشعب الجزائري بتهيئة نفسه لحكم الدولة الإسلامية غرها الفوز في الإنتخابات بأن من انتخبوها معها وأعضائها وأنصارها وانهم كتلتها الإنتخابية التي ستحميها بينما كثيرون منهم انتخبوها نكاية بجبهة التحرير الجزائرية التي لم تحقق آمالهم أي أن كثيرين صوتوا لجبهة الإنقاذ الجزائرية نكاية بخصومها .
واليوم في مصر مرسي وجماعته حركة” الأخوان” ارتكبوا نفس الخطأ فأعتبروا أن من انتخبهم هم الأعضاء والمناصرون وان أغلبية الشعب معهم ونسوا أن كثيرين صوتوا لهم نكاية بنظام مبارك ورغبة في الخلاص من الطغيان والإستبداد وضد الإقصاء والتهميش ولهذا استمر مرسي وحركة ” الأخوان” في مصر بممارسة الإقصاء والسيطرة على مفاصل الدولة والسلطة كحق باعتبارهم من فازوا بالإنتخابات وهذا حقهم ولسان حالهم يقول ” لكل دولة زمن ورجال ” وتجاهلوا انهم يسيرون في بناء نظام الغلبة والإستبداد والطغيان باسم الشرعية والديمقراطية .
كان يفترض وهو المطلوب للإستفادة في اليمن وغيرها من دول ثورات الربيع العربي أن تفتح الثورات الباب واسعا أمام جميع القوى السياسية ومكونات المجتمع المنظمة في أحزاب أو غير المنظمة لبناء تحالف شعبي واسع يحمي المكاسب التي تحققت بفعل الثورات من أجل البدء في بناء الدولة المدنية الديمقراطية دولة المساواة والنظام والقانون لأن إيجاد دولة القانون مصلحة كبرى لمن حاز اغلبية أصوات الناس ومن أصبح الأخ الأكبر لقوى الثورة الأخرى بفعل عوامل كثيرة أهمها أنه لم يضرب من قبل الأنظمة السابقة ومارس الحكم معها وحافظ على قواه التنظيمية وكوادره وقواه المالية الإقتصادية أيضا.
ما جرى في مصر مرسي وجماعته ” الأخوان” هو بناء نموذج الغلبة بطريقة أخرى ففتحت تجربة مرسي باب الغلبة على مصراعيه للآخرين وفي مقدمتهم من شاركهم الثورة ضد نظام الغلبة السابق ” نظام حسنى مبارك المخلوع ” ولكن هذه المرة باسم الصندوق والإنتخابات وكان الصندوق والإنتخابات شيء جامد وليس منظومة متكاملة فمن صوتوا ضد الطغيان والإستبداد والإقصاء والتهميش خرجوا ثانية إلى ميادين مصر وسمحت تجربة الغلبة الجديدة لمرسي وجماعته” الأخ