العيادات النفسية … فردوس مفقود
تحقيق أسماء حيدر البزاز

تحقيق / أسماء حيدر البزاز –
حالات شلل تام وأمراض مزمنة كالقلب والضغط تشفى بجلسة نفسية
خمس حالات نسائية مصابة بشلل تام , أجريت لها الفحوصات الطبية لمعرفة أسباب الداء فكانت المفاجأة بسلامة كل الفحوصات وخلوها من أي ضرر يذكر , وما إن تم تحويل الحالات إلى العيادة النفسية في إحدى المستشفيات الخاصة كان الغريب العجيب في الأمر أنه منذ عرضهن للجلسة النفسية الأولى انتهى هاجس الشلل وقمن من فراش المرض وكأن شيئا لم يكن وسط حيرة واندهاش من الأطباء والمرضى !!
تلك الحالات في مستشفى عبد القادر المتوكل أثارت العديد من التساؤلات التي نفضت غبار التهميش عن أهمية ودور العيادات النفسية بكشفها عن حقائق العديد من الأمراض العضوية التي عجز عن تحديد ماهيتها العديد من الأطباء والمختصين فلجأ المرضى إلى طرق تقليدية كبدائل أو إلى طرق الشعوذة ومسالك العرافين !!
إلى درجة الموت !
وبهذا الصدد روت لنا الأخت بشاير عثمان – 27 عاما عن مرضها الذي استمر معها طيلة سبع سنوات قائلة : كنت أعاني من آلام شديدة في القلب وتزايد ضرباته وضعف في التنفس وعدم التوازن والذي انتهى بي إلى الإغماء لأوقات طويلة وأحيانا من شدة الألم أشعر بالموت ويسمع صراخي وآلامي الجيران بشكل متواصل وكلما كشفت وفحصت عند الأطباء المختصين وفي مختلف المستشفيات يقولون لي الفحوصات سليمة !!
وتابعت بشائر سرد قصتها : فأيقن الجميع أن ما أعانيه هي ( عين ) وأصابتني أو مس ولن أشفى إلا عن طريق إحدى العرافات التي تخرج العين من جسدي وهكذا كنت أذهب إليها باستمرار ولكن الألم يهدأ فجأة ثم يعاودني فلم أملك بعدها سوى العودة إلى أحد الأطباء الذي اقترح عرضي على دكتور نفساني وبين تردد من العيب وكلام المجتمع حتى اقررت أن أذهب وتعرضت لجلسات نفسية لمدة أربعة أشهر حتى شفيت بفضل الله وتبين أن ما بي هي حالة نفسية جراء صدمة فقدان زوجي وابني في حادث مروري منذ زمن !!
حالة أخرى مع أحد المسنين الذي عجم لسانه عن الكلام وشلت أطرافه إزاء خلاف أسري حاد فتم نقله على إثره إلى مستشفى الثورة العام وأجريت له شتى الفحوصات التي خرجت بنتيجة سليم تماما وبعد أن تم أخذه وإسعافه بناء على اقتراح احد زواره لعيادة نفسيه ما هي إلا ساعات حتى تكلم وتحرك وأزيلت غشاوة الصدمة النفسية من عينيه ليفاجأ كل من حوله بحالته الصحية إزاء المرض وبعده !!
العار المجتمعي
اختصاصي الأمراض النفسية والاجتماعية الدكتور عبده الشليلي – المستشفى الاستشاري اليمني يوضح لنا أهمية تواجد العيادات النفسية في مختلف المرافق الحكومية قائلا : تلعب العيادات النفسية عالميا وعربيا دورا كبيرا في حقل الرعاية الصحية ولكنها وللأسف لا تلقى ذلك الدعم في اليمن بمختلف مستشفياتنا الحكومية والخاصة حيث أن الأصح قبل الكشف وعلاج مختلف الأمراض العضوية من قلب وضغط وصداع وغيرها من الأمراض العرضية والمزمنة أن تمر على العيادات النفسية لمعرفة أسبابها النفسية والتي تكون في الغالب هي أساسها نتيجة لعوارض بيئية أو نفسية أو اجتماعية أو حتى جينات متوارثة ولكن للأسف الشديد لازالت الوصمة المجتمعية تلعب دورها في اليمن بأن من يقف أمام بوابة العيادات النفسية هو شخص مجنون أو معتوه وأن زيارته للطبيب النفسي المختص يفقده مركزه ومكانته بين الناس وهذا تماما ما لعبه الإعلام بتصويره الخاطئ لمكانة الطبيب النفسي الوضع الذي فاقم من الحال الصحي وتدهور في اليمن
النساء الأكثر إصابة !!
وبين الشليلي أن النساء من أكثر الفئات إصابة بمختلف الأمراض النفسية والأكثر ارتيادا للعيادات النفسية واستشارتها خاصة بين المرحلة العمرية 18 – 27 سنة وذلك للضغوطات الحياتية في الأسرة والعمل وصعوبة تحملهن للعوارض التأثيرية المحيطة وطبيعتهن الحساسة التي لم تقوى على تحمل ما أنتجته الصراعات السياسية والأوضاع الأمنية غير المستقرة على الساحة اليمنية يليهن في ذلك العاطلين عن العمل ومتناولي القات بكثرة .
وأشار الشليلي في حديثه إلى أن مرض الاكتئاب منتشر في اليمن بنسبة 60 % يليه الوسواس القهري بنسبة 15 – 16 % ثم مرض الانفصام بنسبة 5 %
ودعا الشليلي في ختام حديثه الجهات الحكومية إلى افتتاح وإنشاء عيادات نفسية بمختلف المرافق الصحية وفي الوحدات الصحية بالأرياف باعتبارها أكثر المناطق عرضة لذلك وأيضا لقدرة تلك العيادات على شفاء العديد من الأمراض العضوية ذات المنبت النفسي في الغالب مشددا على دور الإعلام في التثقيف المجتمعي بكون الطب النفسي كأي طب شفائي آخر حتى لا يغدو الناس ضحايا الشعوذة والسحرة والعرافين !!
الدكتور هاشم البجلي – العناية القلبية بهيئة مستشفى الثورة العام قال: إن سبب انعدام العيادات النفسية في المستشفيات الحكومية ناتج عن عدم اهتمام حكومتنا ممثلة بوزارة الصحة بهذا