حفاظا على مصر !
خالد الرويشان

خالد الرويشان –
يشتعل الجدل في اليمن كما العالم حول طبيعة ما حدث في مصر 30يونيو .. أهو ثورة ثانية أم انقلاب¿.. وفي الواقع أنه إذا لم يكن انقلابا فهو مقúلبú في أحسن أحواله ! وباللهجة المصرية المحببة !.. إنه أشبه بمزحة ثقيلة أشعلت حريقا ! لكن الأهم في رأيي أن تتوقف الأخطاء التي قد تودي بمصر إلى كارثة الصراع وتبديد الطاقات .. وفي ظني أن أطرافا ثلاثة مسؤولة عن هذه الأخطاء المستمرة والمندفعة مثل عاصفة جارفة تصعب السيطرة عليها !
الطرف الاول هو الدولة بكيانها الضخم ممثلا بقيادة الجيش والأمن , والقضاء والإعلام الرسمي , وإدارات الدولة العليا .. هذا الطرف لم يكن بحاجة للاعتقالات المتعسفة وتوزيع التهم بالطريقة المباركية بين يوم وليلة , بعد اعتقال رئيس منتخب , وكأننا في مشهد مسرحي تنزع فيه الأقنعة فجأة ! وتتغير فيه الادوار على حين غöرة !وكأن العفاريت تستيقظ الآن وتفتح عينيها ! وتستعيد ذاكرتها المفقودة وأسماءها الحقيقية ! وكأن الزمن يرجع القهقرى لغة وخطابا وأسلوبا !.. وهو ما لا يليق بمصر ومكانتها في العالم.
الطرف الثاني هو الإخوان .. وأخطاؤه الفادحة تتمثل في إدارة مرسي للأزمة , وعدم اكتراثه للملايين التي خرجت تطالبه بمجرد التبكير بالانتخابات الرئاسية! وكان يمكن أن يجهöض المؤامرة عليه ويكسب تعاطف تلك الملايين بأن يقدم مبادرة حقيقية ساطعة أساسها الموافقة على انتخابات رئاسية مبكرة , وتغيير فوري للحكومة .. لكنه آثر الخطابة لا السياسة ! وانتظار العاصفة وليس تفاديها ,.. حتى طوتúه العاصفة في طياتها , وغيبته في دواماتها !
ومثل الدولة تماما استفاق الإخوان أو بعض أجنحتهم فجأة, وتذكروا اللغة القديمة البائسة حول العلمانيين ومؤامراتهم وبطريقة فجة ومباشرة .. حتى تم شتم جمال عبدالناصر بالاسم وتكفيره من على منصة رابعة العدوية وقد سمعت ذلك بنفسي في اليوم التالي لعزل مرسي! وليست المشكلة أن يشتم جمال عبدالناصر فالانقسام حوله قديم جديد .. رغم أنه لولا جمهورية جمال ابن ساعي البريد لما كان لفلاح حقيقي كمرسي أن يحكم مصر ! ولكن المشكلة كانت في زمان ومكان الشتيمة ! فالمنابر والمنصات تعمق الهوة الآن , بعد أن أوشكت الأجيال الجديدة ومن كل الأطياف على ردم الهوة النفسية بعد اشتراك الجميع في ثورة يناير 2011.
إن أكبر خدمة يمكن أن يقدمها الإخوان لأعدائهم هي أن يستعيدوا في 2013 ما اندثر من قاموسهم السياسي الستيني والسبعيني من القرن الماضي ! وخاصة بعد أن تعاطف قطاع كبير من الليبراليين العرب مع مرسي وضد من عزلوه أو خطفوه ! بل أن العالم المتحضر كله تقريبا ضد عزل مرسي .. ولعل ما يلخص ذلك ما كتبه روبرت فيسك الصحفي البريطاني الشهير في جريدة الإندبندنت الاسبوع الماضي بعنوان “عندما لا يكون الانقلاب العسكري انقلابا .. فأنت في مصر ! ”
الطرف الثالث المسؤول هو المعارضة ورموزها السياسية والإعلامية , أو ما يطلق عليه بالتيار الليبرالي وليس له من الليبرالية إلا اسمها !.. وأخطاء هذا الطرف فادحة ايضا ومريعة ! فلا يمكن أن يكون ليبرالي الهوى والمرجعية من يتنكر وينكر كل شيء فجأة وكأنه استيقظ من غفوته لتوه ! دون أن ينظر لنصف الكوب المملوء .. أو حتى لربúعه !.. ودون أن يحتكم لقواعد حاكمة لا يمكن المساس بها أو محاولة كسرها ! لأن ذلك هو بالضبط ما سيشكل حجة للطرف الآخر في التخلي أيضا عن الإيمان بالقواعد الحاكمة وضرورة احترامها ! كما أن الشتائم لا يمكن أن تكون حلا !.. وفي الواقع أن الاحزاب العربية بكل أطيافها تثبت أنها مجرد قبائل سياسية متناحرة ! فالنظرة للآخر ما تزال متخلفة مبنية على أحكام مسبقة قاطعة لا تتزلزل ولا تتغير ! يستوي في ذلك الليبرالي والإسلامي والقومي واليميني واليساري !
أخيرا فإنني اعتقد أن ما حدث في مصر رغم آلامه يبقى مفيدا ! فما تزال مصر في مخاض التغيير العميق والولادة المتعسرة للزمان الجديد !.. ومثلما كان زلزالا أن يصعد فجأة رئيس الإخوان إلى رئاسة مصر وبالانتخاب .. فإن العاصفة اللاحقة للزلزال كانت سنة حكúمöه اليتيمة ! بينما نعيش اليوم فيضان ما بعد الزلزال وعواصفه !.. كما أنني اعتقد أن مصر ما تزال تعيش في ثمانينيات أربكان وأردوغان ! والفارق أن مصر بحاجة إلى زعامة حقيقية ! زعامة تعتمد استراتيجية الإنجاز والإنتاج وخدمة الناس .. ومدنية الدولة .. كما فعل أردوغان !
في كل مرة , وبعد سöجúنه أوú حل حزبه .. كان أردوغان ينهض من جديد ! ولم يحتل ميدانا أو يعتصم في ساحة !.. بل احتل قلوب الملايين بخدمتهم .. واعتصم على أبواب آمالهم وآلامهم .. وكان ذلك سöر نجاحه !