الوحـــدة اليمنيــــة..سبعة آلاف عام من المتغيرات

جميل مفرح


جميل مفرح –

يبدو بشرا ونفر من الناس وكأنهم عاشوا ويعيشون طافين أو معلقين بعيدا عن الواقع غير مؤمنين بواقعيته وضرورة الاستناد اليه ويظهرون وكأنهم تجاوزوا في تحليقهم التخيلي أو الخيالي الكيدي حتى خرجوا من إطار الجاذبية الفعلية التي تحيط بالواقع وبالتالي فإنهم أبعد ما يكون عن التعامل مع الحقيقة وصدق القول والمرجعية.. وبدا كثير منهم كمن يكفر حتى بانتمائه الفعلي إلى الوجود وكل ذلك لتجسيد أو فرض فكرته الناشئة عن موقف ربما فكري أو انتمائي أو سياسي متقوقع حول نفسه وانفراده بمصلحة ضيقة من أي نوع كانت!!
ومن هؤلاء وأولئك من يكفر بوحدة اليمن شمالا وجنوبا شرقا وغربا وأزلية هذه الوحدة أرضا وإنسانا تاريخا ومصيرا هوية وانتماء.. وبدأ هؤلاء وكأنهم يريدون اجتزاء التاريخ أو حصر وقائعه ووثائقه عند المسافة التي تخدم اهواءهم ومباغيهم ومصالحهم الشخصية التي لا تتجاوز فكرة أنا ومن بعدي أو من خلفي الطوفان.
لهذا كان لنا في هذا الحيز وعلى كفوف هذه المناسبة التي تعد أحدث محطات تشافي اليمن وتعافيها من جراح وأدواء التمزق والشتات كان لنا بل وجب علينا أن نقف ونمعن في الوقوف ما استطعنا بين يدي التاريخ نفتش في ثناياه عن علامات وجودنا الوحدوي كيمنيين لا لنثبت لأنفسنا أو لأولئك واحدية اليمن كون محاولة إثبات المثبت وبما قد يكون تشكيكا فيه وإنما لنذكر من لم تسعفه الذكرى أن الوحدة ليست بابا نعبره متى نشاء نفتحه ونوصدة متى ما يطيب لنا أو تطيب لنا النتائج وتملي علينا الحاجات.. فقط لنذكر أن محاولة ذر الرماد على العيون قد تفقد البصر وأن انكار الحقائق المؤكدة أنما هو ضرب من جنون لا يحبذ.
لهذا وقفنا هنا وقفات تاريخية نستعيد فيها يمنيتنا ونقتات منها ما يعيننا على التمسك بوحدتنا بواحدية وطننا وهويتنا بواحدية وتماسك اليمن أرضا وكيانا وبشرا.. فكان لي أن أحصل بالمناسبة على عدد من الكتب التاريخية التي تتبعت اليمن والتي أثارت وتثير الغيرة على هذا الوطن وتماسكه ووحدته.. وهو بالتالي ما هيأ لي أن أتوقف مع القارئ الكريم عند مفاصل ومحطات ودلائل واضحة لنعيد ونستعيد معا ثقة اليمانيين بأزلية وتاريخية وجودهم الموحد منذ قرابة 5000 عام قبل الميلاد وهي محطات التكوين الأولى والتأسيس لأرض اليمن وشعبها الموغلين أيما ايغال في التاريخ عراقة وأصالة وتأسيسا لحضارات إنسانية أشرقت باليمن أو بانتمائها ومرجعيتها لليمن واليمانيين.

البدايات
يقول الكاتب والمؤرخ محمد سالم شجاب في كتابه “الوحدة والثورات اليمنية عبر العصور”: اليمن شعب واحد منذ قيام أول وأقدم دولة يمنية في التاريخ بزعامة الملك يعرب بن قحطان بن هود النبي عليه السلام نحو عام 5000 قبل الميلاد فسميت الدولة باسم “دولة يمن يعرب” وسمي البلد باسم “يمن” .. ويشير المؤلف إلى أن أبن خلدون قال أن أبن هشام قال: “أن يعرب بن قحطان كان يسمى يمنا وبه سميت اليمن وهو أول وأقدم أسم جامع لهذا البلد “جنوب الجزيرة العربية” لأنه أسم أول وأقدم دولة في التاريخ وهي دولة اليمن اليعربية القحطانية.
وحول وحدة اليمن وكونها أساسا أزليا يقول المؤلف شجاب في كتابه سالف الذكر: “واستمرت اليمن موحدة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا حتى مات يشجب ابن يعرب فتفككت وحدة اليمن واستبد كل واحد من أعمام يشجب بن يعرب بحلم الاقليم الذي تحت يده وكانت ثلاثة عشر إقليميا وبذلك أصبحت اليمن ثلاث عشرة دولة حتى تسنم سدة العرش الملك سبأبن يشجب “3416 – 3500 قبل الميلاد” والذي يعد أول من أعاد الوحدة اليمنية وبعد أجيال حصل تفكك وانقسام في اليمن واستمر الحال كذلك حتى عهد سبأ الثاني عبد شمس وائل عام 2120 قبل الميلاد فوحد اليمن من جديد وبعد فترة من الزمن حصل انقسام وفتن وثورات ومعارضات أعقبتها وحدة ووئام بعد معارك دامية ثم أعقبتها حركات ومعارضات ثم وحدة ووئام واستمر حال اليمن على هذا المنوال حتى قيام آخر وحدة يمنية في 22 مايو 1990م”.
وهنا يبرز التأصيل شبه الأزلي لواحدية اليمن أرضا وإنسانا ويقف محاجا وحجة في وجه كل من يحاول التشكيك ويقصد التشتيت في كيان وجد موحدا وخلق متكاملا يريد له البعض أن يتجزأ كما يتجزأ الجسد فكيف لجسد يستمر مفعما بالحياة بعد أن تناثرت أوصاله وتقسمت أجزاؤه¿!

هود أبو العرب العاربة
وعودا على التاريخ يضيف الاستاذ شجاب في كتابه سالف الذكر “إن المؤرخين القدامى يحددون مساحة اليمن الطبيعية شمالا وجنوبا من الساحل العماني والخليج العربي حتى شمال المخلاف السليماني كشعب واحد وليس هناك شمال ولا جنوب داخل بلاد اليمن أو أية حدود داخلية متيز بين شمال اليمن وجنوبه.
كما يرى مستنتجا أن اليمن شعب واحد يسكنه أبناء أب واحد منذ ما قبل التاريخ فسكان اليمن هم أب

قد يعجبك ايضا