أنا صحفي !

عبد الرحمن بجاش

 - لتوي انتهيت من قراءة (زمن مبارك ....من المنصة إلى الميدان) رحلة ممتعة ترافقه فيها أو يجرك فيها إلى مناطق مختلفة, ومشاهد جديدة, ومعلومات كانت غائبة عن ذهنك وتخرج من رحلتك وقد أضفت جديدا .
عبد الرحمن بجاش –
لتوي انتهيت من قراءة (زمن مبارك ….من المنصة إلى الميدان) رحلة ممتعة ترافقه فيها أو يجرك فيها إلى مناطق مختلفة, ومشاهد جديدة, ومعلومات كانت غائبة عن ذهنك وتخرج من رحلتك وقد أضفت جديدا .
وحده هيكل من يوفر لك المتعة والأسلوب وجزالة اللغة¿, ودقة المعلومة المعززة بالوثيقة والدليل وقبل هذا وبعد هذا أدب جم قل أن تجد له مثيلا أتحدث عن هيكل المهني الذي يعطي المهنيين – أتحدث عن الحقيقيين منهم – كل مرة يكتب درسا جديدا- لا يعجبني متحدثا – الأهم منه أن الرجل وقد وصل أو تجاوز الثمانين لا يزال قادرا على العطاء وكان الناس بعد موت عبد الناصر يظنون أن الرجل سيذوي أو ينطوي أو على الأقل ينحسر الضوء من حوله فلا يجد سوى خشبة مسرح مظلمة,,, قال له مبارك : يا محمد بيه .. و قد هاله دقة المعلومة حين نشر عن معركة جوية في حرب اكتوبر : المعركة دي محدش عارف تفاصيلها سوى السادات وأنا! من أين حصلت على تفاصيلها¿ ابتسم هيكل مستغربا : الأمر مش محتاج سؤال .. من السادات وعاد ليقول له وقد أصبح رئيسا : كنا نظن انك قاعد في حجر عبد الناصر اتاري عبدالناصر قاعد في حجرك لم يفته قصد مبارك وقال له : عبد الناصر زعيم كبير ولم يكن في حجر أحد وقد ظن كثيرون وخاصة من المهنيين أن الرجل استمد حضوره من عبد الناصر (الذي ميزه عن الآخرين) ولم يكن ذلك صحيحا فقد حافظ الرجل على المسافة المعقولة بين الصحفي والسياسي وكان متميزا عن غيره بالقدرة على قراءة عبد الناصر .
حين تقرا لهيكل تلاحظ غزارة المعلومات وقدرة الرجل على نسج علاقات واسعة جدا مع صناع الأحداث من واشنطن إلى موسكو إلى باريس مرورا بلندن وخلفية تمتد من حرب كوريا إلى حرب فلسطين ومساحة مهنية تمتد من الأخبار وبينهما آخر ساعة وقبلهما ال ايجيبشيان جازيت حتى الأهرام الهرم الذي بناه الرجل طوبه طوبة حتى أصبح على ما هو عليه الآن وأجمل ما في الرجل إدراكه قيمة أن يكون صحفيا وقد كان ولا يزال وهو من يؤمن إيمانا يقينيا أن الصحفي لا يمكن أن يكون وزيرا ولا يفترض أن يقبل (بالويزرة), وثمة مسلمة أخرى لو قلت أنني قلتها أكثر من مرة هناك من سيقول وليش أنت هيكل¿ – هيكل بشر – أقول قد قلتها بتواضع أن الصحفي لا يمكن أن يكون حزبيا وحين عرض عليه مبارك الانخراط في الحزب الوطني رد عليه : لم اقترب من الاتحاد الاشتراكي وحين طلب منه عبد الناصر أن يتولى وزارة الثقافة والإعلام قبلها بشرط ( لفترة محددة) وأشرف على الخارجية.
أما ذاكرة الرجل فاللهم لا حسد ويرغم تقدمه في السن لا يزال يبحث عن المعلومة ,ونحن ما إن تفتح عينك ذكروك بأنك منقطع كموظف! وخلاصة الخلاصة أن من يريد أن يكون صحفيا فليتابع هيكل ومن يريد أن يؤسس لصحافة حقيقية فليدرس تجربة الأهرام بهيكله.

قد يعجبك ايضا